في مدارسنا أسبوع ميت أم تعليم ميت
فيصل الجهني ..
ما أكثر (الهرج والمرج والدرج) في (عالمنا) التعليمي!
يصعب عليك تحديد مصدر كل ذلك (الرج) التعليمي وأنت تنتقل من مشهد إلى آخر، لتقتنع في كل مرة بأن (المشكلة) كلية عامة، تتعلق بذهنية القيادي أو المشرع في المنظومة التعليمية العامة، أيا كانت تراتبية ذلك القائد التعليمي: (الوزير ووكلاؤه، مديرو التعليم، المشرفون التربويون، مديرو المدارس). خليط من (الأفكار) المتطابقة يتسلل بآلية الصوت (المهيمن) بين قيادات التعليم، للدرجة التي تجعلك تنظر وتنصت إلى شخصيات مستنسخة بتطابق (مبهر)!!
بالتأكيد، فقد تابعنا جميعا آخر مشاهد التعليم من خلال قضية ذلك (الأسبوع الميت)، والذي تسبق مأساته كل بداية إجازة دراسية، تعجز (الوزارة) -في كل مرة- بقادتها (الكثيريين) في مدن وأحياء بلادنا عن إيجاد علاج، يضمن عدم تكرار (الوفيات التعليمية لذلك الأسبوع)!
هذا لو أخذنا بالاعتبار -على الأقل في هذه المقاربة- أن (التعليم) لدينا (كائن) حي (أساسا)!
طبعا.. استشاط (القادة التعليميون) غضبا: فقالوا بـ(ربط) القبول الجامعي بغياب أيام من ذلك الأسبوع (المصيري)! وقالوا بخصم درجات مضاعفة من (مواظبة) الطالب، وأوصوا بتقديم مكافآت وحوافز عن حضور الطالب في ذلك الأسبوع، (وصلت إلى 500 ريال نقدا من قبل بعض قادة المدارس) الذين غاب عن (حسهم التربوي) أن مكافأة الطالب على حضوره (الواجب) للمدرسة طلبا للعلم والمعرفة بـ(500 ريال) أمر يحول التعليم إلى حاجات نفعية مبتذلة، كأن (طالب) الأسبوع الأخير حاضر لساحة معركة مثار نقعها بهول وفزع، أو لمكان (عمل) يستوجب الكثير من التعب والمشقة (التعليمية)!!
طبعا -بقصد أو بدون قصد- تناسى هؤلاء القادة التعليميون (حالة الإنعاش) التي استمر عليها المريض (تعليم) في غرف الإهمال (المركز) داخل المدارس في الأسابيع السابقة (الحية مجازا)، وفي العام الدراسي كله. تناسوا الفصول المكدسة الخانقة و(أحواش) الفسح الضيقة بـ(مقاصفها البائسة المتلوثة)، تناسوا (الكتب الدراسية) التي لم تكتمل للطلاب إلا قبل (الأسبوع الميت) بقليل!، تناسوا الغياب المرير لأطياف (بيئة) معيشية تعليمية جاذبة، تتوافر بها أقل ما يمكن توفيره من (فصول فسيحة نظيفة) و(ملاعب معقولة آمنة) و(شوية) فضاءات، يمكن أن يطلق فيها الطالب بعضا من مواهبه وإمكاناته الإبداعية (التي أماتوها في داخله قسرا)، ليكافئهم بعد ذلك بقتل (أسبوعهم الأخير)!!.. و(قبل) فإن ذكر مشهد تعليم (النظام الفصلي) في المدارس الثانوية، يقدم إشارة أخرى للذهنية المتطابقة للقيادات التعليمية المفعمة بخطاب التصورات والخيالات.
يقول قادة التعليم الجديد إن مدرسة التعليم القديمة قد انتهت، وهي -بزعمهم- المدرسة السلوكية التي تتحقق أهدافها بأن يحفظ الطالب معلومة علمية ما، أو أن يحدد سمات ظاهرة أدبية أو علمية ما... وهكذا! لأن التعليم (الجديد) -برأيهم- يهدف إلى الاحتفاء بمفهوم (التدريب المهاري)، الذي يقوم فيه الطالب بالإجابة عن أسئلة كثيرة اعتمادا على مرجعية علمية (فارغة) في وعيه الفردي، وكتاب (المادة العلمية) المرافق!!
بل إن ثمة (وحدات) كثيرة داخل (المقررات الدراسية) يصادف فيها الطالب (أسئلة) -بأشكال وألوان- عن موضوعات لا يعرفها ولم يمارسها قط (كوحدة القراءة وشروطها وطرقها..)...! فأين المهارة المكتسبة هنا؟ وكيف يتم (تدريب) الطلاب عليها؟
كان من الأجدر -وربما أن القادة قصدوا ذلك، وخانتهم المعرفة- أن يرى الطالب المعلومة (تتخلق) أمامه، ليشهد بنفسه (مع معلمه) لحظات ولادتها ونشأتها، ثم تحققها في كينونة معلوماتية حقيقية، لا يمكن أن ينساها، بل يكتسب من ذلك المشهد الديالكتيكي (المهارة) التي يتعامل بها مع بقية اللحظات العلمية!!
أخيرا.. الكوارث التعليمية أكبر من أن تستوعبها مساحة هذا النثار..
صحيفة الوطن أون لاين
أضيف بتاريخ :2016/11/16