منجزات وهمية بغطاءات رسمية
أمجد المنيف ..
من الطبيعي جدا أن تصاحب عملية النمو في المجتمعات بزوغ ظواهر جديدة، وتطور للممارسات الفردية والمجتمعية، وتراجع وانحسار أخريات، وهو ما يبدو واضحا في مختلف البلدان، على مختلف الأصعدة، ونحن لسنا بمنأى من ذلك إطلاقا.. وهو صحي جدا، يمكننا من النضوج والتشكل تدريجيا.
أخيرا، أو مؤخرا حسب الشائع، ظهرت لدينا حالة من الاحتفاء بالمنجزات الوهمية، والترويج للأخبار الإيجابية غير الصحيحة، التي تنطلق - غالبا - من وجهة نظر إيجابية، تحاول أن تدفع بعجلة التفاؤل للأمام، لكن صدق النوايا ليس مبررا للزيف، إن صح وصفه بذلك، لأن هناك آليات للاستحقاق، بحسب معايير كل منجز وقطاعه، بالإضافة لبعض الظروف المصاحبة، الواجب أخذها بالاعتبار.
المثال القريب، الذي يشرح ويختصر لنا جزءا كبيرا من القصة، هو الترويج بأن أكاديمياً سعودياً توصل لعلاج فعال ضد مرض السل، وكافأته الحكومة الهولندية بنشر صوره في شوارع "أمستردام"، فطارت الركبان بالخبر، نشرا وتغريدا وتعليقا، إلا الأكاديمي الباحث، عامر عسيري، أوضح (بشجاعة)، عبر الـmbc، بأن وضع صورته بشوارع "أمستردام" جاء نتيجة مشروع تسويقي للبلدية، الغرض منه توصيل رسالة التعدد الثقافي والديني بالمدينة.
قلت "بشجاعة" لأن هناك نماذجَ كثيرة يزج بها في حفلة المنجزات الوهمية، فتصمت عن التوضيح فرحا بالوهج المزيف، وبعضها تستخدم التخوين ضد كل من يسأل أو يتحقق، خاصة إذا ما علمنا أن هناك نماذجَ تعمل فعليا على خلق منجزات غير حقيقية، للوصول لمنافع شخصية، مؤقتة ودائمة، مستغلة حسن النوايا، وذاكرة الناس المشغولة، وضعف عمليات التحقق والمتابعة.
يصاحب كل هذا احتفاء من قبل المؤسسات الإعلامية، التي تقع في الفخ أحيانا، ولا تتحقق من المنجز، ثم يتم الاستناد على أخبار هذه المؤسسات كمرجع للمنجز، مع أنها ضحية كالمتلقي في نفس الوقت.. وهذا يأتي جنبا إلى جنب، للمؤتمرات والمنتديات التي تستضيف مثل هذه الشخصيات (المزيفة)، دون التحقق من صحة ما تزعم، وتمنحها الغطاء الترويجي والرسمي للزيف.
نقطة أخيرة، وهي في غاية الأهمية بنظري، تتمثل في وجوب عدم صمت المؤسسات الأكاديمية، سواء التي تتبع لها هذه الشخصيات، عن التحقق والإيضاح، لأنها مسؤولة عن ذلك في الدرجة الأولى، أو المؤسسات الأخرى، التي من مهامها أن توضح مثل هذه المزاعم والإدعاءات، وتساهم في نشر المعرفة بشكلها الصحيح.. لكن السؤال: هل نعاقب من يفعل هذا؟! لست متأكدا، لكني أعرف كثراً فعلوا ولم يعاقبوا. بل تمت مكافأتهم، للأسف! والسلام
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2016/11/22