وزيرَ المالية إلا التعليم لا تقربوه
هيا عبدالعزيز المنيع ..
تعميم وزير المالية الموجه لوزير التعليم بإيقاف الاستعانة بالمتعاونين في الجامعات بهدف مالي بحت دون اعتبار لمتطلبات التعليم وظروف الجامعات.
بداية جميعنا مع توظيف الإنفاق الحكومي المالي بأفضل الطرق الممكنة وتوجيه المصروفات في طريقها الصحيح بحيث لا نجد هدراً في غير مكانه، أو فساداً في صرف الأموال، وبحيث لا نجد مشاريع متعثرة تارة ومشاريع يتم استلامها ونكتشف بعد تشغيلها أنها دون المستوى المطلوب مع كثرة العيوب وارتفاع التكلفة.
إذن من حيث المبدأ نحن متفقون على ترشيد وجودة الإنفاق وضبطه بمعايير واضحة وشفافة للجميع، ولكن تعميم معالي وزير المالية للأسف يأتي في سياق خاطئ بل ويكشف بُعده عن مشهد التعليم العالي، ومتطلباته واحتياجاته.
كنا نتمنى صدور نظام التعليم العالي الذي يعطي الجامعات حق الاستقلالية، ومن ركائز الاستقلالية اعتماد برامج استثمارية مجدية تحقق مداخيل مالية تتيح للجامعات القدرة على استقطاب الكفاءات البشرية المميزة الوطنية أو غيرها، بل وعقد شراكات علمية مع جامعات متقدمة لتنفيذ برامج علمية مميزة خاصة في الدراسات العليا التي غابت عن أغلب الجامعات السعودية بالإضافة لدعم البحث العلمي الذي يمثل ذراع القوة الثانية للجامعات.
تعميم وزير المالية يكشف وجود فجوة كبيرة بين وزارة المالية والمؤسسات الخدمة ومن ضمنها الجامعات، تكريس حالة الهلع والخوف من الإفلاس وضعف المداخيل الوطنية لا تتفق مع توجهاتنا في بناء اقتصاد متنوع المصادر.. وفيه مبالغة لا داعي لها وليست في مصلحتنا ونحن نسعى لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية.
ما لا يعرفه معالي وزير المالية هو أن الكثير من جامعاتنا تعاني من نقص في الكادر التعليمي، وأن جزءاً كبيراً من المعيدين والمحاضرين في جامعاتنا تم ابتعاثهم للدراسة ضمن برامج الابتعاث ما يعني حاجة تلك الجامعات لسد الفراغ بالتعاقد مع مؤهلين، مع ملاحظة النقص في الأساس، أيضاً مع تزايد أعداد المقبولين والمقبولات من الطلبة وضوابط الجودة في القاعات الدراسية تحتاج جامعاتنا للتعاقد، وإلا ستجد نفسها في حالة من الفوضى أو تكدس الطلبة في القاعات بأعداد لا تتفق مع متطلبات الجودة التي هي إحدى وسائل جامعاتنا للحصول على الاعتماد والحصول على مراكز متقدمة في تصنيفات الجامعات عالمياً، دخول مشرط التقشف للجامعات ليس موضوعياً بل إن سلبياته ستكون قوية وذات عمق وبعد إستراتيجي وليس آنياً فقط، ضبط المصاريف لا يدخل بوابة بناء الإنسان وإعداده وتأهيله وإلا انخفض مستوى تأهيل أهم مرتكزات الاقتصاد الوطني وهو الإنسان.
أيضا ما لا يعرفه معالي الوزير أن نسبة التعاقد أساساً ليست كبيرة وتأتي في إطار سد النقص من أعضاء الهيئة التعليمية المبتعثين أو المعارين لبعض الأجهزة الحكومية أو القطاع الخاص في إطار تبادل المنافع أو بحث الأستاذ عن مصدر دخل أفضل خاصة مع انخفاض رواتب الأساتذة، سياسة ترشيد الإنفاق تناسب قطاعات مختلفة ليس التعليم من ضمنها عموماً.
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2016/11/26