الفجوة بين المواطن ومجلس الشورى
فهد عريشي ..
ما يريده المواطن من عضو الشورى أن يخلع عباءته الفاخرة وينزل إلى الشارع ليحمل هموم الناس ومطالبهم إلى قاعة المجلس
منذ تأسيس مجلس الشورى في صورته الجديدة عام 1992 وهناك فجوة ما بين مجلس الشورى والمواطن، بغض النظر عن حقيقة إنجازات الشورى التي دائما ما يترنم بها، ورغم مضي الكثير من الدورات على مجلس الشورى إلا أنه في كل دوراته لم ينجح في تعزيز علاقته بالمواطن الذي دائما ما يتمنى أن يجد تحت قبة هذا المجلس ما يحل مشاكله اليومية المستمرة منذ عقود، والتي لم يسهم المجلس في حلها حتى الآن.
في كتيب صغير نشره مجلس الشورى بعنوان: "مجلس الشورى اختصاصاته وآلية عمله" وجدت في نهاية الكتيب وعلى الهامش 8 أسطر فقط يتحدث فيها المجلس عن علاقته بالمواطنين، وأنها تقتصر على تخصيص مقاعد يستطيع المواطنون من خلالها حضور الجلسات العامة لأعضاء الشورى، وأنه تم فتح قناة لتقديم العرائض، ولا أعلم متى يعي أعضاء الشورى الموقرون أننا تجاوزنا زمن العرائض، ولا أعلم متى يعون أن الطائر الأزرق "تويتر" حقق للمواطن في 5 سنوات أكثر مما حققه مجلس الشورى لهم منذ تأسيسه.
ولأن مجلس الشورى لم ينجح في معرفة احتياجات المواطن، وجدنا أن المواطن ذهب يطالب بحل أزمة السكن حتى نجحت مساعيه في إيصال صوته للمسؤول الذي فرض قانون رسوم الأراضي البيضاء، ولأن مجلس الشورى لم يسن الآليات الرقابية المحكمة في التوظيف، ولم يشرع مادة قانونية يفرضها أو يعدلها لحل مشكلة توظيف ذوي القربى رغم عدم كفاءتهم للوظائف التي سرقوها من المستحقين لها؛ وجدنا أن المواطن لجأ يطالب عبر وسائل التواصل بمحاسبة كل مسؤول أو وزير يحابي أقاربه ويوظفهم حتى نجح في فتح ملف تحقيق في توظيف ابن وزير الخدمة المدنية من خلال هيئة مكافحة الفساد، التي قامت برفع نتائج التحقيق للمقام السامي بوجود مخالفات في توظيف ابن الوزير، بل واكتشفت إثر ذلك مخالفات في تعاقد عدة وزارات مختلفة مع مواطنين برواتب عالية، وحتى الآن لم أجد تحت قبة الشورى من يناقش أو يصوت لصالح فرض آليات رقابية جديدة تمنع تكرار مثل هذه الحالات، وكأنهم يثبتون لنا أنهم يعيشون في كوكب آخر غير الذي نعيش فيه.
ما يريده المواطن من مجلس الشورى من خلال أعضائه الجدد هو أن يغير آليته في التعامل مع واقع وهموم ومشاكل الشارع السعودي، يريد المواطن من عضو مجلس الشورى أن يخلع عباءته الفاخرة وينزل للشارع. أن يذهب لبوابات الضمان الاجتماعي ويرى الأرامل والمطلقات واليتامى والكبار في السن وهم يتزاحمون على مبالغ لا تكفيهم ذل الحاجة. أن يذهب للعيادات الخارجية للمستشفيات العامة ويرى كيف يتزاحم المواطنون على مواعيد أقربها بعد 3 أشهر. أن يذهب ويسأل المتقاعدين: لماذا يبحثون عن عمل بعد تقاعدهم؟ وأن يسأل الشباب في استراحات ومقاهي الشيشة ما هي البدائل التي وفرتها الوزارات؟ ويسألون كل مواطن لا يملك مسكنا ما الحلول التي وفرتها له وزارة الإسكان منذ تأسيسها؟
والحديث عن احتياجات المواطن يطول، ولكن باختصار ما يريده المواطن أن يبادر أعضاء مجلس الشورى لحمل همومه ومشاكله من الشارع إلى قاعة المجلس ومن ثم إلى القانون والتطبيق واستدعاء كل مسؤول مقصر. لا يريد المواطن مقاعد يستمع فيها لنقاشاتكم في جلساتكم العامة، ولا يريد قناة يرسل من خلالها عرائض! بل كل ما يريده هو أن تفعلوا دوركم التشريعي والرقابي لصالح حل مشاكله وقضاياه، وأن تسدوا الفجوة ما بين مجلسكم والمواطن، ولن يتم ذلك وأعضاء مجلس الشورى منغلقين على أنفسهم في قاعة المجلس لمناقشة قضايا ليست ذات أولوية وأهمية عند المواطن.
صحيفة الوطن أون لاين
أضيف بتاريخ :2016/12/09