أحمد صالح حلبي ..

قد تكون الصدفة وحدها هي التي نقلتني للحديث عن حديقة الطفل بالرصيفة التي كانت قبل سنوات مضت واحدة من أفضل الحدائق في مكة المكرمة، لما تضمه من تنسيق وتوزيع جيد للمسطحات الخضراء، إضافة إلى ما كانت تقدمه من برامج ترفيهية لسكان الرصيفة خاصة، وسكان مكة المكرمة الذين يقصدونها نهاية الأسبوع حينما طرحت للاستثمار.

وما أثارني للحديث عن هذه الحديقة العتيقة التي تحولت بين عشية وضحاها إلى مرمى للنفايات، وملتقى للحشرات والقوارض، إضافة إلى ارتكاب الجرائم بتعاطي الممنوعات من ضعاف النفوس مفسدي الأطفال والأبرياء، موقف عمدة الرصيفة الشيخ سامي يحيى معبر، الحريص على راحة سكان حيه، فتحدث عن أضرارها بألم الأب الحريص على أبنائه، مطالبا ومتسائلا عن أمانة العاصمة المقدسة وغيابها عن إيجاد حل عاجل لهذه الحديقة. وتمنى العمدة في حديثه إعادتها لسابق عهدها وفتحها أمام الجمهور، أو تحويلها لمركز تجاري يخدم المنطقة.

وأقول إن حديقة الطفل حينما طرحت للاستثمار قبل سنوات مضت استطاعت جذب الكثيرين، وأذكر أن الفنان يونس شلبي ـ يرحمه الله ـ رافقني في زيارتها أثناء أدائه فريضة العمرة، وأبدى إعجابه بما تضمه من تنسيق جيد وفقرات ترفيهية مناسبة للأطفال والعوائل، مشيدا بالكوادر الفنية الشابة.

غير أن ما نراه الآن يجعلنا نسأل: لماذا تصر أمانة العاصمة المقدسة على استمرارية هذه الحديقة بهذه الوضعية، ولم تطرحها في منافسة عامة للاستثمار أو تسعى لإعادة تأهيلها، خاصة أنها تقع على شارع رئيسي ولها مساحة تؤهلها لأن تتحول لمركز جذب للكثيرين، كما أشار إلى ذلك عمدة الرصيفة، إضافة إلى توفر مواقف سيارات مناسبة حولها؟

وأرجو ألا نقرأ في رد الأمانة الجملة المعتادة والمتمثلة في «حرص الأمانة على توفير مناطق الترفيه»، وتبدأ بعد ذلك في الحديث عن حديقة الحسينية التي أشبعتنا حديثا عنها، وكأنها نفذت مشروع القرن.

ولعله من المناسب الآن أن نطالب رئيس وأعضاء المجلس البلدي بمكة المكرمة بالوقوف على موقع الحديقة، والاطلاع على ما وصلت إليه من حال يرثى لها، والعمل على رفع الأضرار التي أصابت السكان والمارة، هذا إن رغب المجلس في العمل على توفير حدائق عامة للمواطنين، وحرص على أن تكون هذه الحدائق مناطق جذب للمواطنين وأسرهم، لا مناطق تنفير وبعد عنها. فسكان مكة المكرمة والمقيمون بها ليس أمامهم من متنزه سوى التوجه إلى محافظة جدة أو الهدا والطائف، وإن كانوا من سكان الرصيفة والخالدية وشارع أم القرى والخالدية (1) و (2)، فليس أمامهم سوى التوجه صوب حديقة الحسينية الواقعة في الجهة الجنوبية من مدينة مكة المكرمة بمحاذاة طريق الطائف الهدا السريع.

فهل يمكن القول إن هذه الحديقة قادرة على استيعاب سكان هذه المناطق، إضافة لسكان العزيزية والعوالي ومخطط البنك والنسيم؟ وهل تصميم الحديقة يتوافق وهذه الأعداد؟

إن المجلس البلدي قبل أمانة العاصمة المقدسة مطالب بالعمل على تنفيذ مطالب المواطنين من الخدمات البلدية، فأعضاؤه هم من منحناهم أصواتنا ليمثلونا في المطالبة بهذه الخدمات، ولم نمنحهم إياها ليجلسوا داخل قاعة المجلس متحدثين بأقوال دون أفعال، أو مبرزين صورهم بوسائل الإعلام.
 
صحيفة مكة