زرافة المدير.. زيارة ليست مفاجأة!
عبد الله منور الجميلي ..
في إحدى (إدارات كَان يَا مَا كَان) قَـرّر (المدير) فجأة وبعد غِـيَاب أن يقوم بجولة في حَديقة الحيوانات الكبرى!
الحديقة كانت تعاني من الإهمال والفساد الإداري؛ وبسببهما هلَـكت بعض حيواناتها المهمة، ومنها (الزّرَافَة) التي تشتهر بها!
وتخلصاً من هذا المأزق (وكعادة أولئك في تزوير الحقائق، وتجميل الواقع) طلب مسؤولو الحديقة من أحد العاملين فيها - بعد إغرائه بالمكافآت والإجازات - أن يلبس مُجَسّمَاً للزَّرَافة حتى تَـمُـرّ الـزيارة على خَيْر!
تجَوّل (المدير) في الحديقة، وعند (الزّرافة) أطال الوقوف، متسائلا: لما هي ضعيفة، وهَـزيلة؟!
ثم أرعَـدَ وزَمْجَر، وأَمرَ حُرّاسَه أن يُلْقُوا بها فَريسة لـ(الأسَد الجَائع القَابِع بالجِوار)، على أن يُسْتَوْرَدَ بديلٌ عنها خلال أيام!
تحرك المدير ومرافقيه، أما بعضُ حُـراسه - وامتثالاً لأوامره التي لابد من تنفيذها عاجلاً - فقد فتحوا القفص، وبسرعة حملوا (الزّرافة)، وقَـذفوا بها في قفَص (أَسَـد الغابة)؛ ثمّ حَثّـوا الخُطَى للّحَاق برَكْـب رئيسهم!
كان الموظف (الزّرَافَة المسكين)، مذعوراً يَصرخ، وينادي؛ والليث يقترب منه، ازداد صياحه، بُـحَّ صوته؛ لكن لا أحد يسمعه أو يلتفت إليه، وبينما كاد يموت من هَلَعِه وخـوفه، فجأة تَكلّم الأسَـد القادم إليه ضاحكاً، فما هو إلا أحد زملائه العاملين في الحديقة المُتَنَكّرِين مِثله!
هـذه الحكاية الغريبة التي ليست ببعيدة أتذكرُ تفاصيلها كلما قَـرأتُ أو سمعتُ عن زيارات يقوم بها بعض مسؤولي المؤسسات الخدمية في عالمنا العَـربي زاعمين أنهم بها يتفقدون الخدمات المقدمة للمواطنين؛ فهم متأكدون أن ما شاهدوه قـد تَمّ تجميله وتزييفه أمامهم، وبمناسبة حضورهم، وأنه سيعود لحاله المتردي بعد مغادرتهم، أما الحديث عن جولات مفاجئة فكذْبَةٌ تؤكدها كاميرات وتقارير الإعلام التي تصاحبها!
أخيراً.. إذا كان المسؤول جَادّاً في معرفة الواقع فعليه باللقاءات الدّورية المباشرة مع المواطنين حضورياً أو عبر مواقع التواصل الحديثة؛ فهناك فقط تـسْكن الحقائق لمَن يُـريدهـا!
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/01/09