المادة 77 مرة أخرى
عبدالرحمن سلطان السلطان ..
ها قد بدأ يحدث ما حذرنا منه أكثر من مرة، مذ أن كان نظام العمل معروضاً على مجلس الشورى وحتى إقراره من مجلس الوزراء بقيت المادة 77 عصيّة على التعديل، رغم أنها تشرع الطريق الممهد لفصل الموظف السعودي في القطاع الخاص بسهولة، ودون تبعات قانونية!
كل يوم تفجعنا وسائط الاتصال الاجتماعي بأخبار الفصل الجماعي التعسفي لأبناء الوطن من إحدى منشآت القطاع الخاص، دون أن تقوم وزارة العمل تجاههم بأي شيء، فالفصل نظامي لا يشق له غبار، والخيار المتاح لهؤلاء الشباب الانضمام لقوافل "ساند" إن كانت شروطه التعجيزية تنطبق عليهم! فكيف نستطيع تشجيع شبابنا على ترك القطاع الحكومي المترّهل نحو القطاع الخاص وهم معرضون للجلوس على قارعة الطريق في أي لحظة؟ وعند أي خلاف مع المدير غير المواطن! كيف نتوقع أن يُسهم القطاع الخاص في تحقيق أهداف ومبادرات رؤيتنا الوطنية وشبابنا يُقصون منه واحداً تلو الآخر!
نعم تكلفة الموظف غير المواطن تتزايد، لكن ما فائدة كل مبادرات السعودة والأمان الوظيفي مفقود؟ ما فائدتها والموظف يزداد قلقلاً كما اقترب من نهاية سنته الوظيفية في مكان عمله؟ ألا يجب أن نفكر مرة واحدة فقط بوجهة نظر هذا الشاب المواطن، بدلاً من التركيز على أرباح منشآت القطاع الخاص، فهؤلاء الشباب هم وقود الوطن، وهم من سوف يرفع كفاءة إنتاجيته ويجعل اعتمادنا على النفط قصة نرويها للأجيال القادمة.
مأساة المادة 77 أنها شرّعت فسخ عقد التوظيف "لسببٍ غير مشروع"، الأمر الذي فتح الطريق واسعاً لإنهاء عقد أي موظف دون إبداء الأسباب، هكذا فقط ليمسي الموظف تحت ضغط أهواء قياديي المنشأة، وبالذات من غير المواطنين. لذا لا بد أن تعترف وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أولاً أن ضرر المادة 77 من النظام أكبر من نفعها، وأن صياغتها التي كانت تهدف لحفظ حق التعويض عند إلغاء العقد؛ أضحت مادة نظامية لتشريع فسخ العقد دون أسباب مشروعة، ثم يجب أن تعاد المادة السابقة مؤقتاً حتى تعاد صياغتها من جديد.
شبابنا من مغامري العمل بالقطاع الخاص يحتاجون الحد الأدنى من حفظ حقوقهم والحصول على حقهم الطبيعي في الاستقرار الوظيفي وبالتالي الاستقرار النفسي والأسري، فهل عندما بدأنا نرى نور أبنائنا يسطع على ثغور القطاع الخاص ننكص عنهم ونتركهم وحدهم، بل ونشرع وسيلة نظامية لفصلهم التعسفي ونحر مستقبلهم بكل بساطة؟ سؤال إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية..
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2017/01/22