بين زيادة الإنفاق وضبط الموازنة
زياد آل الشيخ ..
ما الذي يحدث عندما تطبق الدولة منهجية بدهية في التعامل مع أي أزمة اقتصادية؟ والأزمة الاقتصادية التي أعني هي الناتجة من تقلص الدخل والمدخرات وزيادة النفقات والديون. اليابان مثلا، بلغ حجم الدين ضعفي الناتج المحلي، أما اليونان فقد بلغ الضعف، ولكل من الدولتين ظروفهما الخاصة التي أدت إلى تضاعف حجم الدين. لكن ماذا يحدث لو طبقت منهجية تقليص النفقات وزيادة الدخل، وهي المنهجية البدهية التي يلجأ إليها الجميع في حياتهم الخاصة؟
الذي يحدث أن الناتج المحلي سيتقلص أو يتباطأ نموه، كما أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي سترتفع. تقلص أو تباطؤ الناتج المحلي يعني أن نسبة البطالة سترتفع فالقطاع الخاص يبدأ في تقليص نفقاته لانخفاض دخله إما بالتوقف عن التوسع في التوظيف أو الاستغناء عن الموظفين. صندوق النقد الدولي -الذي عادة ما يشجع على تبني سياسات محافظة في الإنفاق- نشر دراسة عام ٢٠١٠م ترى أن سياسات التقشف تؤدي إلى نتائج سلبية على النمو الاقتصادي في المدى القصير. الدراسة التي كان عنوانها (هل سيكون مؤلما؟) ناقشت السياسات التي تنتهجها الدول لمعالجة نقص الإيرادات وتضاعف الديون بما أسمته الدراسة ضبط الموازنة العامة، وأشارت أن هذه السياسات تؤدي إلى خفض الإنتاج ورفع نسبة البطالة. ومع أن هذه المنهجية بدهية ويسهل فهمها لكنها لا تصلح للتنمية، فما البديل؟
البديل هو زيادة الإنفاق. الإنفاق الذي يؤدي إلى نمو اقتصادي بما يخفض من نسبة الدين إلى الناتج المحلي. والأمثلة على نجاح هذه المنهجية كثيرة، منها تضاؤل حجم الدين نسبة إلى الناتج المحلي لأميركا بعد الحرب العالمية الثانية بعدما كان يزيد على الناتج المحلي بنسبة ١١٨٪. فنمو الاقتصاد إجمالا يرفع من دخل الدولة، والفرق بين المنهجيتين أن الأولى التي تخفض من الإنفاق تزيد دخل الدولة على حساب الاقتصاد، أما الأخرى فتزيد دخل الدولة بالاقتصاد.
إذن، في اقتصاد الدولة يبقى السؤال عما يمكن أن تحققه سياسات التنمية من نتائج. إذا أدت هذه السياسات إلى نتائج ملموسة فإن مسألة الدين العام وسداده ونسبته تتضاءل مع وجود نمو يصعد بالاقتصاد من أزمته. أما في غياب السياسات الناجحة أو الفشل في تطبيقها فإن الأمل في النمو الذي يخرج الاقتصاد من أزمته يكون بعيدا. عند ذلك يكون السؤال المحوري ليس كيف نرفع الدخل لنسدد الدين، بل كيف ننفذ سياسة تنموية صلبة لنزيد في الإنفاق؟
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2017/02/09