الفساد يفرق بين الأحياء
إبراهيم محمد باداود ..
منذ عشرات السنين وهناك فرق واضح بين الأحياء في العديد من المدن ، فهناك أحياء قديمة تفتقر إلى البنية التحتية الصحيحة كما تفتقر إلى الخدمات الأساسية كتوصيل المياه بشكل دوري وتوفر شبكة الصرف الصحي ووجود شبكة لتصريف مياه السيول والأمطار ،وعادة ما يسكن مثل هذه الأحياء الأسر محدودة الدخل، ونظراً لافتقار تلك الأحياء لتلك الخدمات بالرغم من أن معظمها يعد المركز الرئيسي للمدينة والمحور الذي انطلقت وتوسعت معظم المدن الكبرى من خلاله مما جعل سكان تلك الأحياء من ذوي القدرة المالية المرتفعة يغادرونها لأحياء أخرى قيل لهم بأنها تتوفر فيها جميع الخدمات المختلفة في حين بقي في تلك الأحياء القديمة محدودو الدخل كما إنها أصبحت مأوى لذوي الهويات المجهولة والمخالفين لنظام الإقامة .
هكذا ساهم مستوى توفر الخدمات في الأحياء في التفرقة بين الأحياء بل وفي تصنيف الأحياء فهناك أحياء راقية فيها الفلل والقصور الفاخرة وخدمة المياه تتوفر فيها باستمرار وفيها شبكة صرف صحي ولا تنقطع عنها الكهرباء وتتوفر فيها شبكة اتصالات راقية وقوية وشروط البناء فيها واضحة ومحددة ،في حين هناك أحياء في الوسط يتوفر فيها بعض تلك الخدمات السابقة ،وهناك أحياء أخرى تفتقر لتلك الخدمات بشكل كامل على الرغم من أن بعض تلك الأحياء قد يكون جديداً وليس قديماً.
الجديد في هذه التفرقة أن بعض الأحياء التي كان يظن البعض أنها راقية ونموذجية لم تسلم هي الأخرى من الفساد فقد كشفت الأمطار الغزيرة ضعف البنية التحتية فيها وقصورها ،فتصريف مياه الأمطار في المنطقة الشرقية في أحياء الجبيل الصناعية أو أرامكو وبقيق والظهران كان مختلفاً تماماً عن تصريف مياه الأمطار في مركز مدينة الجبيل إذ لم تسجل في الجبيل الصناعية أي مخالفة أو ملاحظة بالرغم من غزارة الأمطار وذلك لما تتمتع به المدينة من بنية تحتية قوية لكافة الشبكات الخدمية الأرضية في حين طفحت المياه في وسط المدينة وتعطلت المركبات واحتجز السكان كما وقع نفس الشيء في أحياء راقية في الدمام .
فساد الخدمات الأساسية في أحياء المدن يتغلغل من مدينة لأخرى، فهو يعمل على تفريق تلك الأحياء ولاتكاد تسلم منه مدينة مما جعل البعض يعتقد بأن الأولى لبعض المدن أن تقوم بإخلاء تلك الأحياء وإعادة تخطيط وتأسيس البنية التحتية لها وتنقيتها من الفساد الذي ابتليت به .
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2017/02/19