أمطار تكشف الحقيقة
خالد الشريدة ..
قدمت الأمطار الأخيرة درسا عمليا مهما وكبيرا لكل القائمين على قضايا التخطيط في النطاق العمراني، وهو أن ما تم تنفيذه من مشاريع لم يراع الحد الأعلى لكميات المياه التي يمكن أن تتسبب في أضرار على البنية التحتية والمنشآت والممتلكات والبيئة، وذلك يتضح من خلال ما تم تداوله في المواقع الاجتماعية تنقل صورة حية عن التصريف العلمي للمياه، بجوارنا في مدينة الجبيل الصناعية التي كان بإمكان سكانها أن يتجولوا في الشوارع والطرقات على أرجلهم والمطر ينهمر دون أن يخوضوا في ماء لا يجد سبيلا خارج النطاق السكني، الصورة في الدمام والظهران والخبر كانت تعبيرا عن إخفاق المشروعات في التعامل مع مياه الأمطار، فجميع الأنفاق أصبحت بركا تسبح فيها السيارات بعد أن تعطلت وعقب توقف الأمطار تم تجنيبها في طرقات الخدمة بعد أن تركها أصحابها، والأسوأ كان في الأحياء السكنية، خاصة الجديدة منها كما في الفاخرية التي تحولت إلى بحيرة تسبح فيها المنازل بعد أن اعتلى مستوى المياه الطبقة الأولى للمباني، وذلك ليس من تفسير له سوى قصور خدمي في تنفيذ مشاريع الصرف والطرق وربما في بعض الأحيان السماح بتأسيس مخططات في مواقع تعرضت في تجارب سابقة عندما كانت أراضيها بيضاء لسيول أو بمعنى آخر مجرى سيول.
هناك إخفاق لا يمكن تبريره سوى بعدم دقة تنفيذ المشاريع، لأن النتائج على أرض الواقع تدحض أي تبرير لعدم التصريف السلس كما في الجبيل وماليزيا والهند وغيرها من منظومات الخدمات البلدية في كثير من دول العالم رغم أنه لا ينقصنا التمويل لتأسيس مشاريع وبنية تحتية وفقا للمعايير الهندسية والتصميمية.
المشكلة التالية بيئية من واقع المياه الراكدة والفاسدة التي اقتحمت المنشآت وذلك ربما يتسبب في أضرار صحية وأوبئة وأمراض معدية، ليتضاعف الضرر لأن السبب الأساس استلام مشروعات غير مطابقة للمواصفات الهندسية والإنشائية، وبالتالي ليس من خيار غير المراجعة العلمية لكل ما تم تأسيسه وتفعيل مبدأ المحاسبة والمسؤولية النهائية التي تطال كل ذي صلة بتنفيذ المشاريع المخالفة، وعلى الرغم من ذلك يبقى إحساسي وشعوري بأن المطر نعمة سارة يجب أن نحافظ عليها بالحب والفرح والرضا.
جريدة اليوم
أضيف بتاريخ :2017/02/21