المواطن لم يفقد الثقة
إبراهيم محمد باداود ..
الشعور بعدم الثقة في الآخرين من حولنا شعور مزعج، وفي كثير من الأحيان هو شعور له ما يُبرِّره، ومن تلك المبررات أن الشخص قد مرت به عدة تجارب مع من حوله ساهمت في إيجاد مثل هذا الشعور، على الرغم من حاجة الفرد الماسّة في كثير من الأحيان إلى من حوله، ومن مُبرِّرات فقد الثقة أن تكون قدرة الفرد محدودة في تقييم مَن يختار لمنحه الثقة، وبالتالي تجد أن الفرد يفقد الثقة لأنه في الأساس منح الثقة لمن لا يستحق، فهو لم يكن موفقاً منذ البداية في اختيار مَن يمنحه ثقته، إذ قد يكون الفرد قد اعتمد على عاطفته ولم يعتمد على كفاءة وقدرات ومؤهلات الشخص الذي يمنحه الثقة.
ومن أهم العوامل التي تساهم في نجاح المنظمات والأفراد هي ثقة تلك الجهات بقدراتها وإمكاناتها، وكذلك ثقتها في منسوبيها والمستفيدين من خدماتها، فالنجاح والإبداع أساسه الثقة وكلما استطاع الإداري أن يُحقِّق إنجازا ما، كلما زادت ثقته في نفسه، وفي فريقه الإداري وفريق عمله وقدرته على تحقيق المزيد من الإنجازات والأهداف، كما تزيد ثقة المراجعين والمستفيدين، بل وحتى الجمهور في تلك الجهة، وفيما تُقدِّمه من خدمات للجمهور.
بالأمس نشرت بعض وسائل الإعلام تصريحاً لأحد المسؤولين في إحدى الوزارات الخدمية قائلاً: (بأن المواطن لم يفقد الثقة) في وزارته، مشيراً إلى أن نشاط الوزارة تغيَّر نظراً لصدور برنامج التحول الوطني الجديد والرؤية الجديدة، مما جعل دور الوزارة يتحوَّل من دور المطوِّر إلى دور المنظِّم والمراقب والمحفِّز، وهو بهذا التصريح يحاول أن يطمئن الجمهور بأن الثقة لازالت موجودة ولم تُفقد بعد، حتى وقت نشر ذلك التصريح.
مقياس الثقة في أي جهة لا يأتي من خلال التصاريح، ومؤشر الثقة لا يكون من خلال وسائل الإعلام، بل يكون من خلال مكاتب دراسات متخصصة في قياس ذلك المؤشر بشكلٍ علمي واضح، يبنى على ما تمّ تقديمه للجمهور من إنجاز علمي وعملي على أرض الواقع، ولذلك عندما يُصرِّح المسؤول بأن المواطن لم يفقد الثقة، فهذا تصريح خطير، إذ أن الأصل أن تكون الثقة موجودة في الأساس والإفادة بأنها لم تُفقد للآن، يعني إما أنها في طريقها إلى الفقد أو هناك ما قد يُساهم في فقدها، هذا إن سلّمنا في الأصل بوجودها في الأساس.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/02/23