آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
قاسم حسين
عن الكاتب :
كاتب بحريني

تبرئة الجندي الإسرائيلي لطخة عارٍ عالمي


قاسم حسين ..

أصدرت محكمة إسرائيلية حكماً بالسجن 18 شهراً على الجندي الذي قتل شاباً فلسطينياً بدم بارد قبل عام.

الحكم لم يكن مفاجئاً للفلسطينيين، والمحكمة كانت تحصيل حاصل، ولزوم الديكور الديمقراطي لهذا الكيان العنصري، القائم على اغتصاب أرضٍ وإذلال شعب.

المحكمة أدانت الجندي إيلور عزاريا، ولكن اعتبرت ذلك من القتل غير العمد. وكان القاتل قد حكم على الضحية مسبقاً -في حديثٍ مع زميله- بأنه يستحق القتل؛ وبالتالي لا يحتاج الأمر إلى مساءلة أو تحقيق أو محكمة صورية، في ظلّ نظامٍ كان إلى وقتٍ قريبٍ، يعتبر توأماً لنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.

كان الشاب الفلسطيني عبدالفتاح الشريف (21 عاماً) جريحاً ينزف، وقام القاتل بتصفيته في أحد أيام مارس/ آذار 2016. وهي جريمةٌ بكل المقاييس، حيث تدعو الشرائع والقوانين على الإبقاء على الجرحى وعدم قتل الأسرى، حتى في الحروب؛ فكيف بظروف احتلال ومواجهات وممارسات قمعية ضد سكان مدنيين في أراضٍ محتلة. وهو ما دعا بعض قادة الجيش الصهيوني إلى إدانة فعلته، إلا أن بعضاً آخر منهم أيّده وأثنى عليه. بل إن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، قال إنه سيؤيد أي قرار للعفو عنه، وهو ما يؤكد الطبيعة الإجرامية لهذا الكيان العنصري.

حادثة مقتل الشاب الشريف حظيت بتغطية واسعة، بعد نشر صور التقطت بالهاتف المحمول، وبثتها البرامج الإخبارية الإسرائيلية نفسها. كانت الواقعة محزنة، حيث ظهر القاتل وهو يصوّب بندقيته ويطلق النار على رأس الجريح المطروح أرضاً، وهو عاجزٌ عن الحركة. وهي حركةٌ لا تدلّ على شجاعةٍ أو بطولةٍ فردية، ولا أداء أو أخلاقيات جيش محترف، وإنّما تدل على تصرّف عضو عصابةٍ من القتلة.

في أعقاب الحادثة، تعرّض رئيس الوزراء وقادة الجيش الصهيوني للانتقاد الشديد من الخارج، فلم يكن هناك ما يبرّر قتل جريحٍ عاجزٍ عن الحركة، إلا أن اليمينيين الإسرائيليين انتقدوا الطرفين -نتنياهو والجيش- بسبب انتقادهم في البداية لما فعله عزاريا. وبعد صدور الحكم أمس الأول (الثلثاء)، الذي كان أقل من الحكم المخفف الذي طالب به الادعاء العام، تجمّعت شرذمةٌ منهم للاحتجاج على الحكم، والمطالبة بإطلاق سراحه باعتباره بطلاً قومياً، والذي يعتبره الفلسطينيون سفاحاً. وقد نشرت صورٌ للقاتل وهو محاطٌ بعائلته التي تلقت الحكم بالارتياح، وتلقاه هو بالابتسام.

كان مشهداً مجللاً بالعار، ليس على دولة «إسرائيل» التي لا تعرف العار، بل على مستوى العالم الذي يتفرّج دون اكتراث؛ وعلى الإسرائيليين، وفيهم مثقفون ومفكرون وإعلاميون ومحامون؛ وعلى «نظام العدالة» الظالم الذي أقاموه على أشلاء الضحايا؛ وعلى القضاة الذين أهانوا تاريخ العدالة، إذ يحكمون دون أخلاقية أو ضمير؛ وعلى الجمهور الذي يصفّق لهكذا جرائم وانتهاكات للقانون ترتكب في ضوء النهار، دون إدانةٍ أو احتجاج.

لم يكن منتظراً من نظامٍ قائمٍ على احتلال أرضٍ، واغتصاب حقوق شعبٍ وتشريده واستباحة حقوقه وهدم منازله، أن يعدل في قضية مقتل شابٍ على يد جندي تم تعليمه في المدرسة والمنزل والجامعة والجيش، بأن الفلسطيني ليس له حقٌ في الحياة.

صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2017/02/23

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد