من يصنع المسؤول الرديء ؟!
محمد البلادي ..
*هل وقفت ذات يوم أمام رئيسك في العمل ، أو راجعت أحد مدراء الإدارات ، ثم تعجبت من ضعف أدائه ؛ وغباء تصرفاته ، متسائلاً عن كيفية وصوله الى هذا المنصب رغم محدودية ذكائه ، وقدراته ؟! حسناً .. هذا سؤال منطقي ومشروع جداً في بلاد العرب ، وأطمئنك أنك لست أول من تبادر الى ذهنه هذا التساؤل ،فالمئات يومياً يصابون بنفس الحيرة بعد أن يصدمهم ضعف وركاكة بعض المسئولين المحيطين بهم ، مما يعني أن الآلية (المجرمة) التي تفرز هذه العينات الضعيفة ماتزال تعمل، وبنفس الكفاءة للأسف !
* وقبل أن تسألني عن هذه الآلية التي ملأت معظم المناصب في المؤسسات بالسذج والقاصرين وضعيفي القدرات على حساب الكفاءات التي ذهب معظمها الى حيث ألقت رحلها أم قشعم ، دعني أقص عليك هذه الحكاية المضحكة ،علها تفك لك شيئاً من ألغاز هذه الإشكالية العصية على الحل، حيث يقال إن موظفاً طموحاً التقى وفداً أجنبياً في غياب رئيسه، فتجرأ ( المسيكين ) وفكر ثم اقترح حلولاً أعجبت الوفد الذي قدم له شكراً خطياً مكتوباً ، وعندما عاد سعادة المدير وعلم بالقصة سأله: لماذا تصرفت بهذا الشكل في غيابي، فرد الشاب لقد (فكّرت ) .....! وما أن سمع الرئيس كلمة «فكرت» حتى صاح بجنون: لقد اخترتك من بين الآلاف، ووضعتك في هذا المنصب الذي يحسدك عليه الكثيرون من أجل شيء واحد فقط هو أن لا تفكر أبداً !!
* ان انتشار السذاجة والرداءة والركاكة في بعض قيادات الادارات والمؤسسات ، وتردي النتائج الملحوظ وضعف الإنتاجية والهدر ، كلها نتائج حتمية ومتوقعة لعدم نزاهة أدوات اختيار وترشيح القيادات فيها ، ولتغلغل الواسطة والمحسوبية في كل مراحل عمليات الترشيح ، ناهيك عن شيوع ثقافة تقديم أصحاب الحظوة والقرابة والانتماء القبلي على أصحاب الكفاءة والقدرة .. وعدم توافر نظام قانوني وإداري واضح وشفاف وفاعل لتحقيق الاختيار العادل للقيادات الإدارية !
* التلاعب في معايير ومقاييس وشروط وأدوات اختيار القيادات والموظفين في أي مؤسسة ، سبب من أهم أسباب فشلها وضعفها ،بل انه قد يكون سبباً في بعض الأحيان لسقوط ثقافة مجتمعات بأكملها ، خصوصاً إن شاع هذا النوع من الفساد للدرجة التي يقضي فيها على الكفاءات ويزيحها عن مكانها المناسب مقابل وصول المزيد والمزيد من القيادات الهشة والضعيفة .
* للتخفيف من سوداوية المقال دعوني اختم بطرفة أخرى توضح لكم كيف يتم صناعة المدير الساذج ، فعن الزميل الجميل ( خلف الحربي ) أن متسابقاً دخل على لجنة المقابلات الشخصية ، ولأنه يملك واسطة قوية فقد سألوه: «ما اسم حبيبة مجنون ليلى؟»، وبعد أن خرج دخل شاب آخر ليست لديه واسطة ، فسألوه: «من بنى الهرم الأكبر!؟» فأجاب بسرعة : «خوفو» فقالوا: «خل عنك خوفو.. وقول لنا أسماء العمال واحد واحد !».
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/02/25