ما الذي تبقّى من الاتحاد الأوروبي؟
فايز الشهري ..
دول الاتحاد الأوروبي اليوم 27 دولة بعد انسحاب بريطانيا، وهناك 6 دول مرشحة للاتحاد على رأسها تركيا، إضافة إلى ألبانيا، وأيسلندا، والجبل الأسود، وكذلك صربيا، ومقدونيا. ويتبقّى هناك 15 دولة في النطاق الأوروبي لم تترشح أو لم تسع للانضمام. والسؤال اليوم، هل الاتحاد الأوروبي في طريقه للانهيار؟ وهل تستطيع ألمانيا المذعورة من كل شيء أن تقود أوروبا؟ وهل سيدفع الاقتصاد الضعيف، وارتفاع مستوى البطالة، بعض دول أوروبا للعودة إلى القوانين المحليّة، وإيقاف تسهيلات تنقل العمالة الأوروبيّة؟ وبعبارة أخرى هل سيصبح الاتحاد الأوروبي شيئاً (عاطفياً) مثل "العالم العربي" الذي لا تراه إلا على الخريطة وهو في واقعه كيان ممزّق؟
أوروبا أيضا تواجه جملة تحديات أخرى، أهمّها شيخوخة السكان، وتدفق المهاجرين. وفي المجال السياسي فإن أوروبا ما زالت تترقّب حالها مع طموحات القيصر "بوتين"، وتأرجح حظوظها في الحقبة "الترمبيّة". أمّا الاختبار الأوروبي-الأميركي الأول فقد ظهر صعبا بعد أن فرضت الإدارة الأميركيّة قيودا خاصّة على تأشيرة الدخول لمواطني خمس من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي هي بلغاريا، ورومانيا، وكرواتيا، وبولندا، وقبرص. وهذا يعني (أوروبياً) الاستجابة لنداءات أعضاء في البرلمان الأوروبي طالبوا بتطبيق تأشيرة الدخول على المواطنين الأميركيين الذين يزورون أوروبا ضمن مبدأ المعاملة بالمثل.
على المستوى الاجتماعي والثقافي، يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات مؤرقة، كونها لا تتناغم مع شعاره الشهير "وحدتنا في تنوعنا" (United in diversity)، خاصة مع موجة العنصريّة الطاغية، والانتفاضة ضد المهاجرين، وصعود أحزاب اليمين المتطرف إلى منصات القرار الشعبي والرسمي الأوروبي. رئيسة وزراء بريطانيا "تيريزا ماي" شخّصت الحال وهي تخاطب الشعوب الأوروبيّة مبرّرة خروج بلادها من الاتحاد بقولها إنّ " قوّة قارتنا تكمن دائما في تنوعها: وهناك طريقتان للتعامل مع هذا التنوع، إمّا إطباق قبضة قويّة تؤدي إلى سحق ما تريدون حمايته، أو احترام الاختلاف والتنوع". ولكن السبب الأكبر لخروج بريطانيا من الاتحاد بحسب "تيريزا" فهو كما قالت نصا:" مكان المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي كان على حساب روابطنا العالميّة، وعلى حساب تأسيس تجارة حرة أكثر جرأة مع العالم الأوسع".
إذاً ماذا تبقى من "الفكرة" الأوربيّة، والواقع السياسي هذا حاله، والطموحات الاقتصاديّة تترنّح وسط منطقة اليورو في دول مثل اليونان، والبرتغال، وإيرلندا، وإسبانيا، وقبرص التي باتت غير قادرة على سداد، أو إعادة تمويل الدين الحكومي.
قال ومضى:
عجبي لأمّة تفسد (حاضرها)، ثم تتزاحم على مفسري الأحلام لمعرفة حال (مستقبلها).
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2017/03/06