تحيّة للإعلام الفاسد!
مريم الشروقي ..
تحيّة كبيرة للإعلام الفاسد أينما كان، ذلك الإعلام الذي يقلب الحقائق ويشوّه الصور ويُزيّف المعنى! تحيّة إجلال وإكبار إلى إعلاميي علم الكلام، إلى أولئك الذين لا يخافون الله في الأوطان، إلى إعلاميي الكذب والتلفيق، تحيّة ما بعدها تحيّة.
لم نعلم أبداً بأنّ الإعلامي الناجح هو الإعلامي الكاذب، ولم نُصدّق لحظةً عندما قيل لنا «بيعوا الكلام على حسب الموجة»، بأنّه فعلاً الكلام للبيع، وأنّ السعر كبير، يتبع الرقم أصفار وأصفار!
علّمونا في بيوتنا وفي مراكز تحفيظ القرآن وفي المدرسة، بأنّ النيّة الصادقة أهم من حبّ الذات، وحفّظونا أيضاً بأنّ آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان، ولكن هذه كلّها عبارات وشعارات أصبحت تعتبر خاطئة، لأنّ الذي يكذب ينجح، والذي يخلف وعده يرتفع، والذي يخون أمانة القلم يتم تصديقه!
للأسف انهارت القيم وسقطت الأخلاق وانقلبت الموازين، فأصبح العالم جاهلاً بعلمه، والطيّب حاقداً، وأصبح الصادق خبيثاً، بين ليلة وضحاها تتغيّر الفكرة عن النّاس، بسبب هؤلاء الإعلاميين، الذين يستخدمون الفتحة والضمّة والكسرة في تقليب الحقائق.
نعم أقولها بالفم (المليان): تحيّة طيّبة وكبيرة لهم، لأنّهم عكسوا ما نشأنا عليه، فأنت عندما تكون طيّباً وصادقاً وأميناً لا تستطيع أن تعيش بين وحوش الكلمة، لأنّ لديهم سحر الكلام، والأدهى تخرج من بين أيديهم حقائق وأدلّة وإثباتات، تجعل المشاهد لا يعرف الحقيقة من الصدق.
فعلاً ما أخطر الكلمة، وما أخطر الإعلامي الفاسد الذي يُهدم الدول – وما أكثرهم - فهو يهدم الدولة عملياً، وزيادةً على ما يقوم به تُعطيه الدولة مبلغاً على التدمير، فهل رأيتم أفضل من هكذا إعلامي؟
لا يدري هذا الإعلامي بأنّ ما يقوم به سيدخل التاريخ، ولكن ما همّه بالتاريخ؟ فالتاريخ سيُكتب وسيتم عرضه بعد أن يموت ويتحلّل الإعلامي، فلا نعتقد بأنّ التاريخ يهمّه، وإن ذكر له أحد عن الخوف من الله، لا نعتقد بأنّه يؤمن بالحساب والعقاب، فهذا الأمر غائي!
شخصية ليست غريبة أبداً في عصرنا هذا، شخصية الإعلامي الفاسد، بل هي موجودة في كلّ مكان، وفي كلّ مجلس فيه جاه ومال وسلطة، فالذيب لا يُهرول عبثاً، وإن كنت تريد معرفة صدق نواياه، إقطع عنه السلطة والمال والجاه، وانظر بماذا سيفيدك وهل سيعطيك ما تريد أم لا، وهل سينقذ وطنك من الخراب؟
تأكّد بأنّ الإعلامي الفاسد المحترم أمام النّاس، ذاك الذي يخفي خبثه ونفاقه وتمصلحه عليك، وخاصّة على أولي الأمر، هو أوّل من يعرف مدى حقارته ودنوّه، وهو يكشف أوراقه عند أوّل موقف.
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2017/03/07