دعه يسرق دعه يضر!
عبدالله المزهر ..
ثم إن أخطر ما يمكن أن يصنعه القانون أن يكون عصا في يد الفاسدين والمفسدين، يهشون به على المتشبثين بالأمل في أن تكون الحياة أجمل وأكثر عدلا، ولهم فيه مآرب أخرى. ليس من ضمنها الحق ولا العدل.
ومنذ وجود نظام «جرائم المعلوماتية» الذي كان مهما وضروريا للدفاع عن حياة الناس وخصوصياتهم وكف أذى ممتهني الإساءة والتجريح والقذف عن بقية الخلق الأسوياء. إلا أن هذا النظام أيضا كان طوق نجاة فيما يبدو لكثير ممن لا يريد أن يعرف الناس سوء عمله وفشله في إدارة شؤون حياتهم، وهؤلاء يعتبرون فسادهم أو «قلة دبرتهم» في إدارة الشأن العام الذي أوكل إليهم من ضمن خصوصياتهم التي لا يجوز لأحد أن يعرفها، وإن تجرأ أحد وكشف مستورا، لم يكن يراد له أن ينكشف، فإن عصا نظام جرائم المعلوماتية الغليظة ستهوي على أم رأسه وتجعله عبرة لغيره من «الملاقيف» الذين يعتقدون أن الفساد وسوء التدبير أمران سيئان.
ومشكلة الفاسدين الجدد أن فسادهم لم يعد خفيا، ولم يعد يتم تحت جنح الظلام لا يراه أحد، اليوم يسير الفساد منتشيا في وضح النهار لا يخاف أحدا، ولا يخشى في الباطل لومة لائم، ولا كاميرا مصور. والحقيقة أيها الناس، أني رغم كل ذلك معجب بسعة وجه الفاسد الذي يرفع قضية على من كشف فساده بحجة التشهير، أحيانا تكون البجاحة الزائدة عن المعدل الطبيعي مثيرة للإعجاب ولافتة للنظر.
ومن الطبيعي أن يظن الناس أن القانون ما وجد إلا لحماية الحق والعدالة، ولكنه لا يفعل ذلك في كثير من الأحيان، فالقانون ـ في كل مكان ـ «أعشى» يرى النصوص ولا يميز وجوه اللصوص. ولذلك تعدل وتراجع نصوص القوانين بحثا عن العدالة.
وعلى أي حال..
«دعه يسرق دعه يضر»، حتى تتضح الرؤية، والسلامة مطلب كل حي ـ كما يعلم الأموات ـ، فاخفوا هواتفكم في جيوبكم، وأياكم وتصوير ما ترونه حتى لو كان فسادا أصلع يسير في شوارعكم ويهدد حياتكم.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2017/03/10