شوفينية ترمب.. وعصا الأوليغارشية
بدر عبدالعزيز ..
المعضلة الكبرى التي تواجهها الولايات المتحدة الأمريكية حالياً ليست في شخصية «دونالد ترمب» الجدلية أو شوفينيته التي صرح بها «سأعيد أمريكا لتصبح سيدة العالم»، بل المعضلة الحقيقية هي في كون رأس النظام الأمريكي الحالي ينتمي لجناح مناهض للأيديولوجية الأوليغارشية التي وصفها «جورج أورويل» بأنها تتكون من ثلاث فئات: «أعضاء المجموعة التي تقرر، الطبقة السياسية التي تنفذ، الشعوب المغيبة التي ترى أي تغيير مجرد صدفة»، فبعد أن كانت أمريكا تحمل لواء الأوليغارشية عبر ممارساتها السياسية منذ سبتمبر 2001م باتساق مع قوى دولية أخرى، وجدت نفسها بعد دخول «ترمب» البيت الأبيض أمام معضلة تفعيل مرحلة الانتقال من الشعبوية إلى العولمية، لذلك بدأت الحرب على «ترمب» تكشف عن وجهها منذ اليوم الأول لتوليه السلطة من خلال المظاهرات التي خرجت في سبع ولايات بعنوان: «ترمب ليس رئيسي» بدعم من إمبراطور الحكومات العالمية «جورج سوروس».
يرى ابن خلدون أن كل الأمم تتغير في شكلها، والكون طبيعته دائماً بصدد التغيير، وعصا التغيير الآن في قبضة الأوليغارشية تضرب بها في كل اتجاه لتسريع الانتقال للنظام العالمي الجديد، تارة بضربة قاتلة تمثل نظرية «شارل موريس» تحريك الشعب قبل تناوله بإثارة القلاقل الداخلية للدول كما حدث بتمويل الثورات في أوروبا الشرقية 1989م التي أطاحت بالدول الشيوعية، وصولاً لخلق ما سمي بالربيع العربي 2011م وإظهارها وكأنها حالة إنسانية على طريقة الثورة البلشفية 1917م التي هدفت للقضاء على الرأسمالية الإقطاعية، وتارة تضرب هذه العصا ضربة أخف إيلاماً ممثلة بمنظمة المدن والحكومات المتحدة CGLU التي تعطي تفويضاً للمدن بالتواصل المباشر مع الهيئات الدولية متجاوزة بذلك سلطة وحدود الدول، وكذلك أيدولوجية حماية البيئة التي يمكن من خلالها سن قوانين موحدة للبشرية تؤدي لتغيير الطبيعة السيكولوجية والدينية للناس. وتتخفى هذه العصا تارة ثالثة تحت قناع اقتصادي بالتلويح من وقت لآخر بورقة العملة الموحدة لإنجاح المشروع العالمي كما فعل الرئيس الروسي السابق «ميدفيديف»، ودعم الاقتصاد الروسي بعد الحرب الباردة بالسماح لها بتوفير الغاز الطبيعي للدول الأوروبية وفتح منافذ تجارية لها مع دول آسيوية، والسعي أخيراً لبناء طريق الحرير الذي يربط الصين بكل دول العالم، ما يؤدي لتحويل المركز التجاري والمالي العالمي من نيويورك إلى الصين ليتواءم جيوستراتيجياً مع العقلية الأوليغارشية، وتارة رابعة تظهر هذه العصا بصبغة دينية كدعوة البابا «بونوا السادس عشر» في خطابه 2009م إلى نظام عالمي جديد لحل مشكلات العالم تحت مظلة الأمم المتحدة. ليُحشر العالم كله في حكومة ذات ثقافة واحدة، لتصبح العولمة واقعا اجتماعيا شموليا.
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2017/03/11