التقاعد المبكر
مازن عبدالرزاق بليلة ..
استلمتُ هديةً ثمينةً من معهد الإدارة العامَّة، نسخة من مجلة التنمية الإداريَّة، التي يصدرها المعهد، بخطابٍ كريمٍ من رئيس التحريرعبدالعزيز الهدلق، ولفت انتباهي إلى بحثٍ رئيس فيها حول التقاعد المبكِّر.
عنوان البحث، كثر الحديث عنه في الآونة الأخيرة، بعد زيادة ملحوظة للمستفيدين من هذه الميزة المثيرة للجدل، بحيث أصبحت تشكِّل ظاهرة؛ لأنَّها تمكِّن المستفيد من الحصول على دخلين، الأول أجر التقاعد من العمل الحكومي، والثاني أجر العمل بالقطاع الخاص بعد خروجه.
وعندي على البحث المنشور ثلاث ملاحظات:
الأولى: العنوان نفسه فيه لَبْس، فعندما نقول (التقاعد المبكِّر كفاءات وخبرات تخسرها الأجهزة الحكوميَّة، ويربحها القطاع الخاص)، نُكرِّس الشقاق بين القطاعين، والعمليَّة ليست ربحًا وخسارة، طالما الموظف المتقاعد لم يخرج خارج البلاد، فهو كما يُقال (منفعة من هذا الجيب للجيب الآخر)، فالقطاع الحكومي قطاع وطني، والقطاع الخاص كذلك قطاع وطني، وهو يخدم اقتصادنا الوطني، ويُنوِّع القاعدة الاقتصاديَّة، بعيدًا عن النفط، ويُحقِّق رؤية 2030 في الاعتماد على اقتصاديات السوق.
الملاحظة الثانية: أنَّ الموضوع غير محسوم؛ لأنَّ الإيجابيَّات والسلبيَّات فيه متساوية، فخروج الموظف بالتقاعد المبكِّر، يعني التخفيف من الترهل الوظيفي في القطاع الحكومي. وبالتالي يمكن استقطاب المستجدين في سوق العمل لأخذ دورهم في الكادر الوظيفي العام.
الثالثة: وهي الأهم، الهجرة المعاكسة، كثيرًا ما نغفلها، لأنَّها لم تصل لحد الهجرة، ولكنَّها موجودة، ولها مميزات، وهي استقطاب بعض القيادات في القطاع الخاص، لتأخذ منصبًا في العمل الحكومي، والشواهد على ذلك كثيرة، خصوصًا في أمانات المدن، وفي الشركات الحكوميَّة المُشكَّلة حديثًا، استطاعت النهوض والتوسع، بعد أن دمجت قيادتها خبراتها الناجحة في القطاع الخاص، لتنهض بأهداف القطاع العام.
#القيادة_نتائج_لا_تصريحات
القلق عادة ما يعطي الشيء الصغير ظلالاً أكبر منه بكثير.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/03/17