نطيحة المستشفيات.. والمحاكم الطبية
عبدالله الجميلي ..
* عندما كنتُ طالبًا في الجامعة، عِشْتُ تجربة العمل المسائي، وفي الإجازات لدى عدَّة مستشفيات خاصَّة. ومن تلك التجربة خَرجتُ بِقناعات منها: أنَّ معظم تلك المشافي لا هَمَّ لأصحابها إلاَّ أنْ تَتَورم حساباتهم بالنقود؛ حتَّى ولو كان ثمن ذلك صِحة المرضى، التي قد تضيعُ بأخطاءِ أطباء وفَنِّيين هم مِن «فَصِيْلَة المُتردِّية، والنَّطِيْحَة، وما أكَلَ السَّبعُ»، أو لأن شهاداتهم الدراسيَّة وخِبراتهم المزعومة من جامعات ومراكِز بِيْرِ السِّلْم!
* وهناك مستشفيات وجدتُها تربط حصولَ أطبائِها على رواتبهم بما يجمعونه من أموالٍ في عياداتهم! وبعض أولئك أخبرني صَراحةً بأنَّه يضْطر أحيانًا إلى إلْزام المريض المسكين بكشوفات وأشعة وتحاليل، وربما عمَليات طبيَّة حالته لا تتطلبها؛ معتذرًا بأنَّه لو لم يفعل ذلك، فلن يقبض راتبه الشهري، الذي من أجله قَدِم للمملكة، ومنه تأتي لقمة عَيْشِ أسرته!
* تلك التجارب والمشَاهد تذكَّرتها ونحن نعيش إرهاصات التحوُّل نحو التأمين الصحي، الذي بالتأكيد سيكون مُقَدَّمًا من القطاع الصحي الأهلي، الذي قد يستحوذ بدوره على المستشفيات الحكوميَّة؛ ولذا أجزمُ أنَّ (وزارة الصحَّة) مطالبةٌ من الآن بإعادة هيكلة اشتراطات وضوابط وآليَّات تقديم الخدمات الطبيَّة؛ لكي تضمن جَودتها، ومصداقيتها، وعَدالة أسعارها.
* أيضًا من المهم التعاون مع وزارة العَدل في إصدار لائحة واضحة بعقوبات التجاوزات والأخطاء، وكذا إنشاء (محاكم طِبِّيَّة)؛ من شأنها أن تضمن سلامة الإجراءات القانونيَّة، وتسريع صدور الأحكام وحِيَادِيَّتِها؛ كما أشار إلى ذلك مختصُّون في تحقيق نشرته صحيفة الوطن قبل أيام.
* أخيرًا أُثَمِّنُ جدًّا إلزام (الصحة) جميع العاملين بمستشفياتها بالتوقيع على تعهُّد بحفظ معلومات المرضى، والتأكيد بأنَّ أيَّ تسريب لها بقصد أو دونه، شفهيًّا كان، أو كتابيًّا، أو مرئيًّا سيكون عقوبة فاعِلِه الفصل المباشِر دون إنذار.
* وما أرجوه تفعيل ذلك القرار، على أن يتبعه تَشْهِيْر؛ فأسرار الناس أمانة لابدَّ من أدائها في ظِل سطوة ظاهرة التّسْريب عبر برامج ومواقع التَّواصل الحديثة.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/03/19