آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عادل الحربي
عن الكاتب :
صحافي بصحيفة الرياض

تكلفة ’تعليق الدراسة’!!


عادل الحربي ..

قد نذهب إلى القول إن الفرحة بتعليق الدراسة بين الطلاب سببها تلك البيئة الطاردة في المدارس والجامعات.. وقد لا تكون إلا ظاهرة طبيعية لنداء البدوي في داخل كل منا؛ كلما رأى غيمة أو لاح في سمائه بارق.. لكن الأكيد أن هذا الفرح والسباق المحموم على تأكيد خبر تعليق الدراسة ثم نفي الخبر؛ يثبت أن هناك خللاً ما يستدعي المعالجة.

لو كانت المدارس والجامعات مهيأة لمثل هذه الظروف لما ناقشنا "التعليق"؛ ومعروف أن دولاً كثيرة بالكاد ترى الشمس؛ لم نسمع أنها يوماً علقت الدراسة لأن المطر سيهطل بغزارة أو لأن غباراً/ ثلوجاً ستداهم نوافذ المدارس المهترئة.. هذه بدهيات.. لا أحد يبني بيتاً في هذه الصحراء ويهمل ضبط النوافذ وتجويدها ضد الغبار وسموم الصيف والشتاء.. كما أننا لا نشاهد أجهزة التكييف في بيوت سكان الدول الإسكندنافية!!

وتكون المصيبة أكبر عندما يكون الحديث عن مبانٍ حكومية -مدارس مثلاً- لا ندري على أي "مواصفات ومقاييس" تم استلامها من المقاولين؟.. ونحن نرى مع بداية كل عام دراسي؛ كيف يشمر مدير المدرسة ووكيله عن سواعدهم ليكنسوا قمم التراب التي راكمتها الإجازة الصيفية!!

أليست الفكرة واضحة.. هل من الصعب علينا أن نستوعب أننا في وسط الصحراء.. وأن هندستنا لعمارتنا يجب أن تنطلق من هذه الحقيقة.. واسألوا كل "الرومانسيين" الذين اقتطعوا جزءا من منازلهم لبناء "بلكونات" أو مسابح خارجية، أصبحت فيما بعد مكباً للتراب ومأوى للطيور و"القراطيس"!!

مثل أي ولي أمر؛ تحبطني عدد أيام الإجازات، وتربك كثرتها الأسرة.. إذ ما أن يستعيد الطلاب نظام النوم باكراً والتأقلم مع الجو الدراسي واستيعاب الدروس؛ إلا وتدهمنا إجازة ربيع أو إجازة منتصف فصل وأعياد ثم إجازات مطر وغبار وبرد.. وبحسبة بسيطة أضف هذه الأسابيع وأيام البرد والغبار لإجازة الصيف التي تمتد لأربعة أشهر وستجد أن أبناءنا ربما يحتاجون إلى عامين لاستيعاب ما كنا نأخذه في فصل دراسي واحد!! ناهيك عن الآثار الأمنية والاجتماعية والتربوية السلبية للفراغ والعطالة خلال هذه المدة التي قد تصل بلا مبالغة في محصلتها إلى ستة أشهر.

ما هي القيمة التي نريد أن نزرعها لدى طلابنا.. "فتشوا عن إجازة بعد كل إجازة"!! أم أننا نريد منهم أن يصبحوا قوى منتجة وجادة قادرة على تحمل ساعات العمل الطويلة والالتزام بالحضور والانصراف مهما كانت الظروف.. لماذا نلوم شابا تعود على إجازة تصل مدتها إلى ستة أشهر عندما يترك وظيفة بدعوى أن إجازاتهم بـ"القطارة" ودوامهم بـ "البصمة"!

أزعم أن آثار هذه الانقطاعات والإجازات الطويلة على الناشئة؛ أعمق وأشد ضرراً من أثر الغبار وحرارة الشمس!!

جريدة الرياض

أضيف بتاريخ :2017/03/22

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد