فقط 1%؟!
إبراهيم محمد باداود ..
قبل أكثر من 17 عامًا، صدر أمرٌ سامٍ بالموافقة على قرار مجلس وزارة التعليم، أنْ يكونَ من ضمن متطلبات القبول بالجامعة إجراء اختبارات تكون نتيجتها معيارًا يستخدم إلى جانب معيار الثانويَّة العامَّة، ويمكن أن يجرى هذا الاختبار كاختبار لقياس قدرات الطلبة، ومهاراتهم، واتجاهاتهم، أو اختبار لقياس التحصيل العلمي، على أن تكون هذه الاختبارات موحَّدةً للتخصُّصات التي تدخل تحت نوعيَّة واحدة.
الأسبوع الماضي نشرت صحيفة البلاد خبرًا، يفيد بأنَّ مسحًا للمركز الوطني للقياس (قياس) نشر نتائج (اختبار تقييم القدرات العلميَّة)، متضمنًا حصول 44 مدرسة فقط على معدل 80 فأكثر، ما نسبته 1% فقط، كنتيجة لاختبارات تقييم القدرات العلميَّة، موزَّعة ما بين 11 مدرسة حكوميَّة، و33 مدرسة أهليَّة. وشمل المسح 4258 مدرسة بنين وبنات (3513 حكوميَّة و745 أهليَّة)، والنتيجة لا تحتاج إلى تعليق، غير أنَّها تؤكِّد أنَّ أهم مسار للتنمية والتطوير، وهو مسار التعليم لا يسير في الاتجاه الصحيح، بل هي مؤشر خطير تؤكِّد أنَّ إحدى أهمِّ وكُبرَى الوزارات لدينا -وهي وزارة التعليم- تحتاج إلى أن تعيدَ النظر في مخرجاتها.
من أهداف رؤية السعوديَّة 2030 في مجال التعليم هو سدُّ الفجوة بين مخرَّجات التعليم العالي، ومتطلبات سوق العمل، والاستثمار في التعليم، وتزويد الطلاب والطالبات بالمعارف والمهارات اللازمة لوظائف المستقبل، وعندما تصدر نتائج مثل هذا التقييم، والتي توضِّح أنَّ 1% فقط ممَّا لدينا من مدارس حصل على معدل 80% في اختبار القدرات، فهذا الأمر لا يتوافق مع الأهداف الموضوعة، سواءً لبرنامج التحوُّل الوطنيِّ 2020، أو لتحقيق الرؤية 2030، خصوصًا وأنَّ التعليم هو الركن الأساس، والذي يمكنه أن يحرِّك كافَّة المجالات الأخرى، فمن خلاله يتمُّ تأهيل وإعداد وتثقيف جيل المستقبل، والذي يعتمد عليه بشكل كامل في تحقيق الرؤية المستقبليَّة، ولن نتمكَّن من تطبيق برنامج، أو تحقيق رؤية بالشكل المأمول، بنسبة 1% من المدارس الموجودة.
هذه المؤشرات تكشف لنا حقيقة الوضع، كما تجعلنا نعيش في الواقع، بدلاً من أن نسبح في الخيال، أو نواصل الأحلام. فوضع التعليم لدينا لا يسر، وهو أمر نكرره منذ عشرات السنين. فالبُنية التحتيَّة للتعليم والأركان الأساسيَّة تحتاج إلى إعادة تشكيل بالكامل، إذا ما أردنا أن نحصل على مخرجات جيدة تمكننا من تحقيق رؤية مستقبليَّة طموحة.
مؤشر 1% لاختبارات القدرات في المدارس يجب أن يصحبه مؤشرات أخرى لقضايا مماثلة ومرتبطة بالتعليم، مثل مستوى المناهج والمدارس والمعلم وغيرها من الأسس التي تقوم عليها العمليَّة التعليميَّة، والتي هي في حاجة ماسَّة اليوم أكثر من أيِّ وقت مضى لأن يتم تصحيحها؛ لأنَّ سقف التوقعات مع الرؤية السعوديَّة أصبح مرتفعًا، والطموحات أصبحت كبيرةً وتحتاج إلى قدرات مميَّزة لتحقيقها تزيد نسبتها عن 1%.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/03/23