الحل الأمثل للفساد
شاهر النهاري ..
بعد موضوعي (الحل الأمثل للسحر والعين والحسد)، انهالت علي الأسئلة والاستفسارات من قبل تجار (ترميش)، صائدي طفرات يريدون معرفة المزيد حول تفاصيل صنع البركسات الصينية، التي اقترحتها في الحل، ونظرا لنجاح الفكرة وثبوت براءة الاختراع، وجدواها، قررت أن يكون لي سلسلة من الحلول الموجهة لخصوصياتنا، التي ذبحت عروق طموحنا.
وسأخصص الحل هذه المرة للفساد، تلك العلة (المستطلة)، التي عجزت عن حلها كل قوانين وأجهزة الرقابة.
ولن أطيل عليكم بالحل العبقري، وهو أن نتجه للصين، ونطلب تصنيع قرد الكتروني دقيق تتم زراعته تحت جلد ذراع كل مسؤول، عند توليه المهمة، ومهما كانت درجة وأهمية مركزه، فالفساد قد يستوطن الكراسي الصغيرة، مثلما يفرد ظهره على الكبيرة.
هذا القرد الالكتروني الصغير سيقوم باستشعار واستباق أي عملية فساد يقوم بها المسؤول، فتصدر عنه أصوات عويل قرودي، وتصفيق، وقرع أجراس، وطبلة، بمجرد حصول ما يثير الشك.
وبالطبع فسيتم تحديد وضبط خصائصه بأن يبدأ شغله بمجرد قيام المسؤول بقبض أي مبلغ مالي غير مرتبه، ويعمل له فضيحة الكترونية، لا يمكن إيقافها بواسطة أي هكر، حتى ولو تغطى المسؤول بعرق الكسوف.
كما أن حساسية القرد ستكون مزودة بنوع من الشقاوة واللقافة، بحيث يعرف قيمة الهدية، وما تحتويه بجوفها، حتى ولو تم تمريرها من تحت الطاولة، أو أرسلت للبيت، على شكل سيارات فارهة، أو صكوك عقار تدخل ضمن نظام (اقطع لي وأقطع لك).
فضائح بجلاجل سنسمع ضجيجها عند كل عملية تحويل بنكي سواء لحساب المسؤول، أو لحساب أحد من أسرته، أو حتى لحساباته الخارجية في سويسرا، أو في جزر تبييض الأموال.
قرد جائع لا يمكن الضحك عليه بموزة، فحتى بطاقات الائتمان، والتأمين على الحياة، وغيرها من العمليات البنكية المخادعة، وبالإضافة لاستقصاء أي هدية تكتب باسم المسؤول في الخارج، سواء كانت طائرة أو عقار، أو تسهيلات سفريات وسياحة كريمة، فكل ذلك يجعل القرد يعربد بفضيحة لا يمكن لملمتها.
قرد شعلة في الذكاء المالي والاجتماعي، فيكتشف أي عملية واسطة تحدث حول المسؤول، سواء بتوظيف أقاربه غير المؤهلين في وظائف لا يستحقونها ضمن مناطق مسؤولياته، أو بالتبادل مع مسؤول فاسد متعاون في قطاع آخر، وكذلك عندما يبخس حقوق وقدرات المتقدمين على الوظائف، بدعوى أن الحاسوب هو من يختار.
قرد سليط اللسان يستحلي الفضائح، فعند اكتشاف أي فساد، يرسل إنذارا للجهة الأعلى للمسؤول، ويرسل نسخة منها لنزاهة علها تصحو من غفوتها، ونسخة للادعاء والتحقيق، ونسخة لنظام أبشر لتثبيتها في معلومات المسؤول، باعتباره الجهاز الحيوي الأقوى، الذي نرتبط به جميعا، بحسناتنا وإخفاقاتنا، من عدم تسديد مخالفة مرورية، إلى الأبعد والأكبر من ذلك.
وهذا القرد الروبوت، لا بد أن يستمر تحت جلد المسؤول لسنوات عديدة حتى بعد تقاعده، لمنع أي محاولات غدر بإسقاط الفساد بالتقادم.
وبالطبع فمن أضرار هذا النظام، عندما يعصف الفساد أنه سيظل يرن ويصرخ في كل دقيقة، وسيكون مدعاة للإزعاج الدائم، والخوف كل الخوف، أن يقوم محبو الفساد، بالذهاب للصين، وتصنيع قردة أنثى مضادة له، وبيعها على من يحملون الروبوت تحت جلودهم، لتستمر خصوصية وسرية الفساد.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/04/05