من أهم بالنسبة لك؟
إبراهيم محمد باداود ..
في بداية الحياة العمليَّة، يسعى كلُّ شابٍّ أن يثبت نفسه، وأن يقدِّم الأدلة والبراهين للمسؤولين في عمله بأنَّه كفؤ، وأنَّه مناسب للمهام التي تمَّ تكليفه بها. وتأتي هذه المرحلة الحرجة في العمل متوافقةً مع مرحلة أخرى، وهي بداية تكوين الأسرة، ودخول الشاب للحياة الزوجيَّة، والتي هي في المقابل تحتاج إلى بعض الالتزامات والمتطلَّبات.
هنا يقفُ الشابُّ في موقفٍ حرجٍ بين إثبات نفسه في عمله الجديد، وبين تلبية احتياجات زوجته وشريكة حياته، في أول أيامها، وبعد انقضاء شهر العسل، وهذا يحدث بشكل أكبر خصوصًا مع الأشخاص الذين أدمنوا العمل، واعتادوا أن يبقوا فيه لفترات طويلة، قبل الإرتباط بالحياة الزوجيَّة، أو أنَّ طبيعة عملهم لا تعتمد على فترات زمنيَّة محدَّدة، يقوم الشابُّ بأدائها ثمَّ يتفرَّغ بعد ذلك لأسرته؛ ممَّا قد يزيد الضغط النفسي لأمثال هؤلاء، ويرفع مستوى القلق لديهم، ولا يؤثِّر فقط على العلاقات الأسريَّة، بل يمتد للمستوى الصحيِّ، والنفسيِّ للشاب.
هذا الأمر مهمٌّ وحسَّاسٌ، ويحتاج إلى توعية وإرشاد، خصوصًا وأنَّه يواجه الكثير من الشباب والشابات، كما يحتاج إلى التفكير والتبصر في بيان قيمة الأسرة من جهة، وقيمة العمل من جهة أخرى، وأن هاتين القيمتين من المفترض أن لا تكونا متنافستين، بل يكمل بعضهما بعضًا، وأن يعمل كلُّ طرف في هذه القضيَّة بتأدية واجبه، فعلى إدارة العمل أن تراعي الظروف الأسريَّة لمنسوبيها، وأن لا تضغط على الأفراد لإنجاز العمل على حساب عوائلهم، وخصوصًا أولئك الذين يكونون في بداية حياتهم الزوجيَّة، كما أنَّ على الزوجة أن تقدِّر وتراعي ظروف عمل زوجها، وأن تحرص على دعمه ومساندته في بداية مشوار حياته الوظيفيَّة، وعلى الزَّوج الشابِّ أن يسعى للموازنة بين وقت العمل، ووقت المنزل.
البعضُ يتوهَّم بأنَّ تضحيته في العمل، هي من أجل الأسرة، في الوقت الذي هو يضحي ليس من أجل أسرته، بل من أجل نفسه! ولو قام بعرض الأمر على أسرته؛ لأكَّدوا له بأنَّهم في غنى عن هذه التضحية، وأنَّهم يريدونه أن يكون معهم، والبعض قد ينجح في عمله، ولكن يكون ذلك على حساب أسرته، وأمثال هؤلاء يكون نجاحهم في العمل مؤقتًا، إذ إن آثار خسارة الأسرة، والمنزل ستتسرَّب إلى عمله عاجلاً أو آجلاً، ولذلك فإنَّ خير الأمور هو أن لا يطغى جانبٌ على آخر، وأن يعملَ الإنسانُ على أن يكونَ معتدلاً في أداء حقوق كلِّ طرفٍ.
إنَّها علاقةٌ مهمَّةٌ تحتاجُ منَّا إلى مزيد من الوقت والجهد والتفكير؛ لنكون ناجحين في أعمالنا، وفي علاقاتنا الأسريَّة، وأن لا ننسى دائمًا أنَّ خيرَكم خيرُكم لأهلِهِ.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/04/06