القمة العربية... أسئلة بلا أجوبة
شفيق الغبرا ..
بدت القمة العربية المنعقدة في البحر الميت في 29 مارس/ آذار العام 2017 باهتة بلا طاقة في ظل هم ذاتي ينتشر كالمرض في تركيبة وبنية معظم الدول العربية. ولدت قمة البحر الميت وسط الحروب والنزاعات والمخاوف، لكنها لم تقدم شيئاً يتعامل مع التحديات، اللقاء الرسمي العربي الذي يتم بعد 50 عاماً على حرب وهزيمة 1967 يكسو علامات الهزيمة على العالم العربي. لقد اجتمع العرب على حدود فلسطين وعلى بعد أمتار منها، لكن إسرائيل ردت بالاستمرار في مشروع الاستيطان الإجرامي، بينما العرب في حيرة من أمرهم.
سيسجل التاريخ أنه في العام 2017 لم تعد القمم العربية تمثل العرب ولا تجمع شمل الجغرافيا العربية، كما أنها لم تعد مجال اهتمام العالم وصحافته. لم تحظ هذه القمة بمتابعة المواطنين العرب أنفسهم، فالكثير منهم لم ينتبه لانعقادها، والجيل الشاب المكون من غالبية السكان لا يقرأ صحفنا ولا يتابع تلفزيوناتنا. إن أحسن ما يقع في قمم العرب أن القادة العرب يتحدثون مع بعضهم بعضاً، وأن الدولة المضيفة تحسن علاقاتها بالمحيط، ويشكرها العرب على حسن الضيافة ودقة المتابعة.
إن الكثير من العرب من يستحقون التمثيل في القمة غير ممثلين، ففي أربع دول عربية أساسية أربع حروب أهلية، وكل منها مكون من تيارات تمسك الأرض والمكان، وفي دول عربية أخرى مواجهة بين النخب حول المستقبل، بينما يستمر الصراع مع قوى شعبية وتيارات هزمها القمع؛ لكنه لم ينهِ روحها في تعلم الدروس واكتشاف الطريق. لقد أصبحت النخب الحاكمة تستند بصورة أكبر على قاعدة ضيقة في المجتمع مكونة من الملتفين حول النظام.
ولنا أن نتساءل كيف عالجت القمة العربية حالة الظلم التي تعاني منها الكثير من الدول العربية، فالمواطن غير متساوٍ مع غيره من المواطنين أمام القانون، وحقوق المواطن غير مضمونة في بلدان عربية لا تحترم الإنسان وحقوق المواطنة. إن أحد أسباب انهيار النظام العربي كامنة في ضعفه الحقوقي والإنساني وعجزه عن مواكبة سنن التطور والتقدم في مجال العلاقات الإنسانية والتنمية. كان الأجدر بالقمة البحث في آليات مرحلة قادمة لصالح التحول الديمقراطي والإصلاح السياسي والتعامل مع قضية الظلم وغياب العدالة. لم تخطئ منظمة الأسكوا حديثاً عندما أفردت تقريراً مخصصاً لدراسة حالة الظلم في العالم العربي.
لقد دعت القمة للاستمرار في الحرب على الإرهاب، وهذا يحسن من صورة الدول العربية في العالم الغربي لكنه لا يجعلها نقيض الإرهاب. أليس الإرهاب إحراجاً للقمة؟ فالإرهاب جنون نتج عن ظلم وغياب العدالة وتهميش الغالبيات كما والأقليات في طول الوطن العربي وعرضه، وهل يتحقق الانتصار على الإرهاب بلا عدالة في المجتمعات؟ متى يناقش العرب مسألة العدالة؟، ومتى يتصدون للمشكلة التي تهدد بتدمير ما تبقى من عوالمهم؟
أرادت القمة أن تعلن موقفاً من إسرائيل معتبرة القضية الفلسطينية قضية مركزية، لكن مكان انعقاد القمة وقع اتفاقاً منذ شهور لاستيراد الغاز الإسرائيلي بهدف تغطية حاجات الكهرباء. فهل من تناقض هنا بين الإعلام والحقيقة؟ وبالفعل فإن شعارات العالم العربي تجاه إسرائيل لم تعد مقنعة للمواطن العربي لأنها تتراجع في صدقيتها. بل لا تبدو الدول العربية في هذه المرحلة ملتزمة بالمقاطعة أو المبادرة العربية بأكثر من الموقف اللفظي. وهل من مصارحة أو موقف حول طبيعة العلاقات القائمة بين دول عربية عدة وإسرائيل في ظل مواجهة إيران؟
يراهن النظام العربي في لحظة تفككه وضعفه وتناقضه مع نفسه وإعلاناته على قوة لا تنبع من شعوبه وجماهيره ولا من إصلاحاته وديمقراطيته، بل يراهن على الرئيس الجديد ترامب، كما يراهن على قوة بوتين وإمكان صدامه مع إيران، ويراهن على قوة الأجهزة البوليسية الأمنية انطلاقاً من أن لكل مشكلة حلاً أمنيّاً والبعض بدأ يراهن على إسرائيل. في أجواء كهذه: البيت العربي سيزداد اهتزازاً وهو عرضة للمزيد من المفاجآت.
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2017/04/07