فاتورة المياه الذهبية!
حسين علي حسين ..
الفاتورة الوحيدة التي عجز كل بيت، حتى الآن في فهم الطريق الذي سوف تسلكه، أو يتوقعه الناس، كما هو الحال مع الكهرباء أو الهاتف، هذه الفاتورة (للأسف) هي فاتورة الماء بحلتها الجديدة! فقد أصبحت تأتينا مرة مثل رشقة السهم ومرة مثل رشقة الوردة أو الزهرة، مع أنها توجه إلى منزل (لندع الشركات أو المؤسسات الحكومية والخاصة، فهذه لها أهلها!) في السنوات الخوالي، كانت تأتيني الفاتورة، بعشرة أو خمسة عشر ريالاً في موعدها تماماً، وكان منزلي كبيراً، ضعف المنزل الذي أسكن فيه الآن، وكنت لا أصرح بما تأتيني به فاتورة الماء! خوفاً من الحسد، حتى عرفت أن حال الجميع مثل حالي، حينذاك أصبحت أتحدث علناً، بأن على مصلحة المياه والصرف الصحي، تأديب مستهلكي المياه، الذين لا يعرفون لهذه النعمة قدراً، فينثرونها كيفما اتفق في غسيل الأحواش والسيارات، وتعبئة المسابح المنزلية، ويبدو أن المصلحة بأنها دلعت المستهلكين زيادة على اللزوم، فأصبحت ترسل البصاصين وعلى كتف كل واحد منهم لاقطة لتصوير المياه التي تتسرب من تحت أبواب المنازل إلى الشارع، أو تستخدم لغسيل السيارات أمام المنازل، حدث هذا وشكل دخلاً أو معونة، لمصلحة المياه والصرف الصحي، لتعوض بعض الشيء عن التعرفة الزهيدة التي كانت سائدة، على استهلاك المياه!
ويبدو أن الدخل الجيد الذي أخذت تجنيه المصلحة من غرامات تسرب أو إهدار المياه، أغراها، فبدأت الشروع أو التخطيط للخطة التالية، وهي خطوة حتى الآن، غير واضحة المعالم، لكي لا أقول: إنها غامضة، ولنأخذ على سبيل المثال لا الحصر، مسيرة فاتورة واحدة، لمنزل لا يدخله ضيوف من المدمنين على الماء، شرباً واستحماماً وغسيلاً للسيارات. هذه مسيرة فاتورة واحدة، نرجو أن نجد لها تفسيراً (علما بأن مثلها كثير في هذه الأيام، عند بعض أصحاب المنازل!):
فاتورة، أغسطس 2015.. واحد وخمسون ريالاً، فاتورة نوفمبر 2015.. تسعون ريالاً، فاتورة فبراير 2016.. مئة وتسعون ريالاً، فاتورة سبتمبر 2016.. ثلاثة وتسعون ريالاً، فاتورة، يناير 2017.. ألف وتسعة ريالات، فاتورة مارس 2017.. ألف ومئتان وثمانية وثمانون ريالاً..
علما بأن هناك خطوة جديدة قادمة، لزيادة او زيادات جديدة، يتم الحديث عنها في المجالس والمنتديات، سوف توجهها شركة المياه الوطنية، لمستهلكي المياه، ولا أدري مع هذه الفواتير المتضاربة كيف يوفق المستهلك بين راتبه المحدود، وبين سيل الفواتير المتصاعدة، التي تسير جنباً إلى جنب، في ظل دخول ثابتة لم تعد تتناسب معها، فالمواطن الذي لا يزيد راتبه في المتوسط على ستة آلاف ريال، وأمام فاتورة الماء والكهرباء والهاتف والعلاج وإقساط وصيانة السيارة، خاصة وأن تعرفة الماء، وفقاً لمسيرة الفواتير الغامضة، باتت تزيد كثيراً عن تعرفة الماء في دول تماثلنا في الدخل أو متوسطة، رجاء فسروا لنا مسيرة الفاتورة أعلاه!
ملحوظة: عندما سألت موظف استقبال في شركة المياه عن سر تذبذب مبالغ الفواتير، قال: إن الشركة أوقفت توزيع الفواتير العام الماضي، انتظاراً لاعتماد التعرفة الجديدة، وماترونه الآن هو مخزون ذلك العام، أي أن الزيادة طبقت بأثر رجعي! ونحن نعرف أن كلاماً مثل هذا بحاجة إلى تفسير، وإلا أصبحت شركة المياه مثل التاجر، الذي حالما يشم رائحة زيادة قادمة في سلعة من السلع، يشرع في تخزينها، وحجبها عن الزبائن، حتى تكون أرباحه مضاعفة، وأنا من ناحيتي استبعد مثل هذا الكلام، إلا إذا كان عند الهيئة كلام آخر!
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2017/04/10