محمد أحمد مشاط

تشعر حين تقابل بعض الأشخاص لأول مرة، بأنهم يبعثون في نفسك الأمل والطموح وتحقيق النجاح، كما تشعر بأن آخرين يدفعون النفس إلى اليأس والخذلان والوقوع في الفشل. ونجد بين هذين الصنفين صنفاً ثالثاً لا تعرف كيف تصنفه. فهو يحتاج إلى وقت، وإلى تجربة، وإلى اختبار؛ ليمكن تصنيفهم لأحد الفريقين، وقد لا يحدث ذلك بتاتاً. ومع كل ذلك فإن تصنيف الأشخاص عموماً من أول وهلة، إنما هو انطباع وحدس وليس علماً.

ولكن الجانب العلمي يكمن في مرافقة أولئك الأشخاص –من أي صنف كان مما ذكرنا –عن قرب سواء في العمل، أو في أي مجموعة، أو في المجتمع على عمومه وسعته. ولا أشك بأن كثيرين منا قد شاء له القدر أن يرافق، أو تكون له علاقة مع الكثير من أصناف الناس، وأشكال نفسياتهم.

فالأول يمنحك طاقة موجبة تجعلك تندفع إلى قمم عليا من الطموح وتحقيق النجاح، فتُهيئ لك المقدرة على تحويل أنصاف الفرص لتوصلك إلى النجاح وتلهمك الإبداع والمثابرة. أما الصنف الثاني فيبعث فيك طاقة سالبة لا تمنحك إلا اليأس، والصورة السوداء القاتمة للأشياء والأشخاص والأعمال؛ بحيث لا يبرز أمامها إلا قيعان الفشل واليأس والخنوع. وقد يتساءل شخص عن أهمية كون الذي يخالطك في أي من مناحي الحياة ذا طاقة سالبة أو طاقة موجبة.

الإجابة خطيرة جداً، ألا وهي أن الطاقتين تصيبان بالعدوى. فالشخص ذو الطاقة الموجبة يعديك بطاقته، وكذلك الذي يعيش بطاقة سالبة، فإنه يعديك بطاقته تلك. وكثير من الأشخاص لا يصدق ذلك، ولكن التجربة الطويلة أثبتت ذلك دون أدنى شك. لذا كثيراً ما نرى الشخص الذي يعيش في إدارة أو محيط عمل تسوده الطاقة السالبة، وهو يبحث عن النجاح ويدفعه الطموح؛ تجتذبه تلك الطاقة السالبة وتثبط طموحه، وتحدّ من نجاحه، وتقتل إبداعه.

من المهم أن يعرف المرء الأشخاص الذين يتعامل معهم، ويزاملهم في العمل أو المجتمع فيستفيد من ذوي الطاقات الموجبة ليندفع إلى النجاح، ويحذر الذين تنبعث منهم الطاقات السالبة ليتجنب التعثر والفشل. ولا أشك في أن معظمنا قد راجع إدارة ما فتعطلت معاملته، وشعر ببطء إنجاز الأعمال فيها، وأبصر عدم اهتمام الموظفين بالمراجع أو معاملته أو بالوقت. وكذلك شاهد عكس ذلك في إدارة أخرى. وهذا دليل يؤيد ما ذكرناه وبرهان.
 
صحيفة المدينة