نهب الأراضي: جرأة ولا في الخيال!
سالم بن أحمد سحاب
في 19 أبريل نشرت (المدينة) خبراً عن استعادة أمانة الطائف أرضاً حكومية بيضاء مساحتها 800 ألف متر مربع جنوب بوابة (منتزه سيسد) الوطني. هذا وقد أقدم المواطن إياه على إقامة حواجز ترابية وإنشاء غرف سكنية وتشييد أسوار محيطة بالأرض، حتى يثبت أنها له وحده لا شريك له.
الخبر في مضمونه ليس جديداً، فقد اعتادت مسامعنا وعيوننا سماع ورؤية هذه الشاكلة من الأخبار التي ربما أستطيع أن أجزم أنها لا تتكرر في أي دولة في العالم. سمعنا عن مساحات بملايين الأمتار المربعة قد زُوِّرت صكوكها وأوراقها وتطوع شهودها لقول الزور وإثبات الباطل.
وآخرون مُنحوا مساحات مليونية جلبها لهم الحظ السعيد، فسعدوا وتضخمت أرصدتهم بلا نهاية. وحين احتاج أبناء الوطن الآخرون (من غير السعداء) إلى مساحات بسيطة ليبنوا عليها (مستشفى أو مدرسة أو مقراً لتقديم خدمات حكومية) تواروا جميعاً، إلاّ أن يُعوضوا عشرات الملايين من الريالات لقاء مساحات أخذوها بلا مقابل.
أعود إلى الخبر لا مستنكراً مضمونه، لكن مستغرباً من شدة جرأة هؤلاء الذين يضعون أيديهم على ما ليس لهم بحق! كيف يبادر هؤلاء إلى انتزاع حق الطرف المفترض أنه الأقوى على الإطلاق لأنه الحكومة، وهو الأشد عقوبة وأنكى لأنه الحكومة، وهو الذي لا تضيع حقوقه لأنه الأطول باعاً وأصلب ذراعاً لأنه باختصار الحكومة.
لقد عاصرت وعاصر أبناء جيلي أزماناً كان من النادر جداً أن يجرؤ أحدهم على تعاطي مفسدة أو استلام رشوة أو تمرير مصلحة دون وجه حق! نعم كانت قلة ذات اليد هي الحال السائدة، ومع ذلك كانت كل يد مرتفعة سامقة (إلاّ ما ندر)، لا تأخذ حراماً ولا تُزوِّر نصاً أو كلاماً.
الفقر ليس هو المشكلة كما أخبر المصطفى عليه الصلاة والسلام، وإنما هي الدنيا إذ تُشرِعُ أبوابها، وتستعجل طلابها، وتغري ضحاياها، حتى يسهل على صاحب المبادئ الانحراف عنها إلى المصالح، والتنكب عنها إلى الأهواء والشهوات والاعتبارات غير القويمة والسلوكيات غير السليمة.
يا أمان الحائرين!
صحيفة المدية
أضيف بتاريخ :2017/05/06