الخصخصة .. أسئلة وأجوبة باختصار
د. صالح السلطان
كثر الحديث عن خصخصة واسعة النطاق. وهنا أطرح عدة أسئلة، أبدأها بالسؤال التالي: ما معنى الخصخصة؟ يدور المعنى حول تحويل ملكية وإدارة منشآت أو منظمات من القطاع العام أي الدولة أو الحكومة إلى القطاع الخاص. وتختلف الآراء حول بعض التفاصيل. مثلا هل يشترط تحول كامل أو يكفي ولو تحول أغلبية الملكية والإدارة؟ وجهات نظر، ولعل الفيصل في اعتبارها خصخصة إذا تحققت هيمنة القطاع الخاص على الملكية والإدارة. لماذا الخصخصة؟ عودة إلى الأصل. الهدف جعل السلعة أو الخدمة توفر أساسا عن طريق آلية سوقية، وليس عن طريق الدولة وتنظيماتها. وهناك هدف تخفيض العجز وتحسين وضع المالية العامة. والموضوع له جوانب كثيرة لا يسمح حيز المكان بالدخول فيها. السؤال التالي خصخصة ماذا؟ يمكن أن نقسم طبيعة ما يمكن خصخصته إلى ثلاثة أنواع: الأول منشآت طبيعة عملها في بلادنا وغيرها تجاري. بعض هذه المنشآت مملوك للدولة بالكامل وبعضها تملك الدولة فيها حصصا. من أوضح الأمثلة "سابك" وبعض المصارف وشركة الكهرباء. وإن وزعت أرباحا فالدولة تتسلّم نصيبها طبعا. والثاني قطاعات يشترك في تقديمها القطاعان العام والخاص "على تفاوت بين الدول في التفاصيل". والقطاع العام في بلادنا يقدمها مجانا على مدى عقود، وعلى رأس هذه القطاعات التعليم والصحة. والثالث قطاعات أو منشآت محصورة ملكيتها وتشغيلها حاليا في الدولة، لكن طبيعتها تجعلها قابلة لأن تخصص. من الأمثلة المطارات والصوامع. على أي الأنواع الثلاثة تتركز الخصخصة المطروحة حاليا؟ لندرس تصريحات نائب وزير الاقتصاد التي نشرتها هذه الصحيفة قبل نحو عشرة أيام. أشار إلى خصخصة قريبة لعدة مؤسسات حكومية في عدة قطاعات. وحسب حديث نائب الوزير، فإنها بعض مؤسسات قطاع الصحة والمطارات. كما أشار إلى الرياضة والكهرباء والمياه وصوامع الحبوب، ولم يتطرق نائب الوزير إلى بيع حصص الدولة في النوع الأول. ما التأثير في الاستقدام والتوظيف؟ يلاحظ في الدول ذات متوسط الدخل المرتفع نسبيا للفرد، أن القطاع العام يميل إلى الاعتماد على اليد العاملة أكثر مقارنة بالقطاع الخاص. طبعا هذ الوضع فيما يخص القطاع الخاص مختل في بلادنا بسبب الاستقدام. لكن مع تشديد الاستقدام، فمتوقع أن يميل القطاع الخاص إلى اعتماد أقل على اليد العاملة، واعتماد أكثر على رأس المال بما يشبه ما نراه في الدول الأخرى ذات متوسط دخل الفرد العالي أو المرتفع نسبيا. كيف تستغل إيرادات الخصخصة؟ هنا أطرح ثلاثة توقعات، قد تجتمع كلها أو بعضها. الأول: قد تستعمل لدعم استثمارات الدولة محليا أو خارجيا. وأهمية الاستثمار الحكومي محليا تكمن في استثمارات متوقع تردد القطاع الخاص في الدخول فيها، لكن الدولة ترى أهمية وجود هذه الاستثمارات للتنمية ولتأسيس قاعدة تجذب استثمارات القطاع الخاص إليها فيما بعد. والثاني: قد تستعمل ولو بعضها في سداد بعض عجز الميزانية. الثالث: قد تستعمل لدعم صناديق التنمية وعلى رأسها العقاري. وربما تكون بعض إيرادات الخصخصة مصدرا لتمويل خطة توفير أعداد كبيرة من المساكن. وهي الخطة التي تطرق إليها الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد في المقابلة الشهيرة. وفي هذا أقترح استثمار جزء كبير من إيرادات الخصخصة بما يؤمن عوائد سنوية لدعم الإسكان مع بقاء رأس المال. بافتراض أن الدولة ستخصص أو تبيع بعض حصصها في منشآت تجارية تدر إيرادات على الدولة "نصيبها من الأرباح"، ما النتيجة؟ نتائج منها أن مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد تزيد، وفي الوقت نفسه ستفقد الدولة عوائد أو أرباح ما تم تخصيصه. وقد تحتاج الدولة إلى إدخال أو زيادة في رسوم بعض خدماتها لاحقا. وقد لا تحتاج إلى اتخاذ هذه الخطوة إذا تحققت لها إيرادات بطرق أخرى تعوض عن العوائد أو الأرباح المفقودة بسبب الخصخصة.
صحيفة الاقتصادية
أضيف بتاريخ :2017/05/08