دور الجامعات في حل المشكلات
إبراهيم محمد باداود
تُعدُّ المرحلة الجامعيَّة اليوم من أهم المراحل التعليميَّة في عمر الطالب، غير أن هذه المرحلة تأتي بعد قرابة 12 عامًا يقضيها الطالب متنقلاً بين المدارس والمراحل التعليميَّة المختلفة، وتتشكَّل فيها العديد من السمات الشخصيَّة له، كما تتشكل أيضًا اهتماماته وميوله وثقافته، ولذلك فإنَّ بعض الجامعات تحرص على اختيار النوعيَّة من الطلاب بدلاً من الكم، فيكون تركيزهم ليس على استيعاب الخريجين، ولكن على اختيار المبدعين والموهوبين، الذين يمكنهم أن يساهموا في تقديم المبتكرات والاختراعات، ووضع الحلول العمليَّة للمشكلات، وذلك بعد أن يتم توفير بيئة محفِّزة لهم تساهم في إخراج أفضل ما لديهم، لينتفع المجتمع بأفكارهم.
منذ عشرات السنين والهمّ الأكبر لدى كثير من الجامعات السعوديَّة هو استيعاب أكبر عددٍ من الخريجين، ممَّا ساهم ليس فقط في ضعف المخرَّجات، بل وأيضًا في ضعف الدور الذي تساهم فيه الجامعة في حل المشكلات، والذي يُعدُّ أحد الأدوار الرئيسة التي تقوم بها بعض الجامعات الكبرى حول العالم، كمعهد MIT، والذي أكَّد رئيسه في مقالٍ له بعد زيارته للمملكة، واجتماعه ببعض مديري الجامعات بأنَّ على الجامعات أن تنظر إلى ذاتها بأنَّها جهات قياديَّة، ليس فقط لتطوير المعرفة وتعليم الطلاب، بل وفي حل المشكلات في المناطق المحليَّة التي توجد فيها، وكذلك إيجاد الدعم للعلوم الجديدة، وتطوير التقنيات المبتكرة، وإنشاء شركات جديدة تعمل على تطوير الجيل القادم، وزيادة تركيزه من خلال دعوتهم للمشاركة في حل المشكلات، وتحفيزهم لمواجهة التحدِّيات الكبرى من خلال البحث عن شركاء جدد، وابتكار تقنيات جديدة، ممَّا يساهم في زيادة الثقة في أنفسهم من خلال عملهم على تحقيق أهداف سامية تفيد مجتمعاتهم.
مؤسسة (مجتمع جميل) القائمة على تقديم المبادرات الاجتماعيَّة لـ(عبداللطيف جميل) حرصت على تأسيس العديد من المعامل مع معهد MITالعالمي، فهناك معمل عبداللطيف جميل لمكافحة الفقر، والذي استفاد منها عشرات الملايين حول العالم، وهناك معمل عبداللطيف جميل للأمن الغذائي والمائي، وكلا المعملين على اتصال ببعض الجهات الحكوميَّة للاستفادة من البرامج التي يتم تقديمها، ومؤخَّرًا تمَّ الإعلان عن تأسيس معمل عبداللطيف جميل العالمي للتعليم، للعمل على دعم نهضة التعليم في المملكة العربيَّة السعوديَّة بشكلٍ خاص، والعالم بشكلٍ عام، وسيساهم هذا المعمل في الاستفادة من البحوث التطويريَّة المتقدِّمة والتكنولوجيا الرقميَّة في MITفي مجال التعليم، كما سيُركِّز على التوظيف لتتوافق المخرجات التعليمية مع سوق العمل.
الجامعات لدينا يجب أن تخرج من الإطار المحصورة فيه، ومن تقديم الدور التقليدي لها لاستيعاب أكبر قدر من الطلاب، وأن تعيد تشكيل نفسها وتستقل؛ لتصبح مراكز قياديَّة تساهم في حل مشكلات المجتمعات المحليَّة، بما يساهم من رفع مستوى كفاءة طلابها ومنسوبيها.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/05/11