3 حلول لمهرجانات التخلص من الكتب المدرسية
عبدالعزيز عبدالله الغانمي
قد يكون من العجب أن عددا من أنظمة التعليم العالمية التي حققت مستويات تقييم عالية للأداء لا يمتلك طلابها كتبا مدرسية، مما يعني الحضور إلى المدرسة دون حقيبة بغرض حمل كتب دراسية، وهذا لا يعني بالضرورة انتقالهم إلى الكتب الالكترونية بشكل كلي كما قد يتبادر إلى الذهن، بل تستبدل هذه الأنظمة بما فيها التعليم الأمريكي، الكندي، الفنلندي -وغيرها- المنهج المطبوع بعدة بدائل أقل تكلفة وأكثر ديمومة وأعمق في الأثر التعليمي والتربوي ودون الحاجة لحلول لمعالجة بعض السلوكيات التي قد لا تليق بالمتعلمين بعد الانتهاء من استخدام المناهج المطبوعة.
هذا الموضوع يأخذنا ابتداء لسؤال جوهري يطرح باستمرار في أنظمة التعليم المختلفة، وهو هل المنهج الواحد أو الكتاب المدرسي هو الشكل الأمثل كمصدر للتعلم؟
السؤال البديهي المقابل لهذا السؤال هو كيف تعاملت هذه الأنظمة المتقدمة مع التعليم دون مناهج مدرسية مطبوعة وموحدة، وهل أصيبت هذه الأنظمة بالفوضى التعليمية لأنه لا منهج موحد يحكم العملية التعليمية لديها؟
الحقيقة أن هذه الأنظمة التعليمية تفكر بطريقة مختلفة، حيث إن التعليم فيها هو منهج للحياة، فما يحدد المنهج هي المهارات والاحتياجات التي يواجهها المتعلم والتي تهدف إلى جعله أقدر على التعلم الذاتي المستمر والارتباط بالكتب والمصادر العلمية بشكل أوثق.
على سبيل المثال في التعليم الأمريكي يعتمد المعلمون على مكتبة المدرسة كمورد أساسي لمصادر التعلم، حيث لا يمكن الاستغناء عن المجموعات القصصية، الكتيبات التعليمية، الموسوعات العلمية، كمكون للمنهج وبديل عن الكتاب الدراسي، مما يجعل مكتبة المدرسة هي استثمار حقيقي في ربط الطالب منذ الصغر بالكتب والقراءة والبحث والتحليل والتفكير، مما يبني لديه حالة من الألفة بينه وبين الكتاب، كما يوفر على النظام التعليمي مبالغ طائلة فيما لو اعتمدت طريقة الطباعة المستمرة للكتب بشكل دوري.
إن مشكلة المهرجانات السنوية للتخلص من الكتب المدرسية، ليست مشكلة طرف واحد، بل هي مشكلة في نمط التفكير والسلوك الذي لا يقابله نظام للمسؤولية تجاه الكتاب، والذي يفترض أنه ممتلك ثمين للطالب لا يقل قيمة عن أجهزته الالكترونية مثلا، وعلى الجانب الآخر لا نستطيع إلقاء اللوم على مدرسته أو أسرته بسبب سلوكياته النابعة من تصرفاته الفردية، مثلما لا نستطيع لوم رجل المرور حينما يقوم بكامل دوره في التوعية المرورية واتباع النظام، على سلوك قائد مركبة متهور انتهى به المطاف في حادث مروري، فمقابل كل أشخاص يتمتعون بالمسؤولية، هناك أشخاص لا يضبطهم إلا النظام.
إن الحلول دوما ما تبدأ حينما نعيد التفكير بطرق غير تقليدية، ولنستعرض سويا بعض الأفكار التي قد تسهم في قراءة جوانب من الحل بما يتسع له هذا المقال:
الأول: الإبقاء على صورة الكتاب المدرسي بنفس صورته الحالية باعتباره إصدار قيم مصمما بمعايير متميزة، ثم تكويد جميع الكتب الممنوحة للطالب بكود خاص، وحجب النتائج الدراسية في حال عدم تسليمها نهاية العام أو ربط تسليم كتب المرحلة التالية باستلام كتب المرحلة السابقة.
الثاني: إعادة تصميم المناهج وفق النظم العالمية ذات الأداء التعليمي الأعلى، واستبدال طباعة كتب خاصة بالطلاب بطباعة كتب مرجعية متنوعة تكون في مكتبة المدرسة والفصول الدراسية، مع وضع نظام مسؤولية عند الإتلاف، بهذا لن يتطلب الأمر إلا طبعات محدودة وبجودة تحمل عالية، وتكون كتبا ومناهج دائمة لطلاب مختلفين، والطالب في هذه الحالة مستخدم ومستعير فقط لموارد التعلم.
الثالث: تأهيل الفصل للطالب وليس الطالب للفصل، وذلك بإعادة تصميم الفصول الدراسية لتكون عوالم تعلم تشمل مكتبة الكتب الثابتة للمرحلة الدراسية، التقنيات التعليمية، مساحات التعلم المتنوعة بما يضمن تفعيل مختلف الذكاءات وتلبية الاحتياجات المختلفة للطلاب.
يقول نابليون بونابرت: ثلاثة شروط تشكل ضرورة مطلقة لتنجح في الحياة «إرادة، إرادة، إرادة».
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2017/05/15