في الاستبداد
عبدالعزيز الصويغ
الاستبداد، كما يعرفه د. محمد عمارة في تقديمه لكتاب عبدالرحمن الكواكبي (طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد)، هو: « الانفراد بالسلطة والسلطان، في أي ميدان من ميادين السلطة والسلطان .. في الأسرة.. أو الدولة والحكومة .. أو في المال والثروة .. أو في اتخاذ القرار .. أو في تنفيذ هذا القرار.. «. بينما يورد الكواكبي تعريفات متعددة للاستبداد، ثم ينتهي إلى وصف الاستبداد بأنه « صيغة للحكومة المطُلقة العنان، فعلاً أو حُكماً، التي تتصرف في شؤون رعيتها كما تشاء بلا خشية حساب ولا عقاب محققين «.
وهذا ما رأينا نماذج له في أنظمة دول الربيع العربي التي قامت فيها الثورات وأنهت سنين من مراحل حكمها المستبد .
***
رغم ما يبدو عليه المستبد من سطوة وقوة وعنفوان فإنه في داخله رعديد شديد الخوف يعتمد في سطوته على خنوع وخضوع وجبن رعيته. فهو نمر من ورق يتهاوى مع أول هبة ريح شعبية .. رغم تظاهره بالقوة والتمكن ، وهو ما بدا واضحاً في تلك الدول مع هبة جماهيرها .
لذا فدواء الاستبداد الشموخ عن الذل وطلب العزة والكرامة ، دون استجداء عطايا المستبد لرعيته.. فالله هو من خلق البشر وكرمهم، وهو في النهاية من في يده رزقهم وإليه النشور.
***
وأعجبني تفسير وضعه عبدالرحمن الكواكبي لحالة الاستبداد أو أسبابه، وخضوع الناس للمستبد، حيث اعتبر الكواكبي المستبد يد الله القوية الخفية يصفع بها رقاب الآبقين من جنة عبوديته إلى جهنم عبودية المستبدين الذين يشاركون الله في عظمته ويعاندونه جهاراً. فالظالم، كما أورد الكواكبي، « هو سيف الله ينتقم به ثم ينتقم منه «، والاستبداد أعظم بلاء، يتعجل به الله الانتقام من عباده الخاملين، ولا يرفعه عنهم حتى يتوبوا توبة الأنفة .. فالله تعالى عادل مُطلق لا يظلم أحداً.
#نافذة:
[لا يولي الله المستبد إلا على المستبدين. فالمستبدون يتولاهم مستبد، والأحرار يتولاهم الأحرار، وهذا صريح معني « كما تكونوا يولي عليكم «..]
عبدالرحمن الكواكبي
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/05/16