فقراء وليسوا فقراء !!
طلال القشقري
هناك شريحة من المواطنين لا يُستهانُ بحجمها، هم فقراء، وفي نفس الوقت ليسوا فقراء!.
عفواً، ليست هذه إحدى (الفزّورات) التلفزيونية التي كانت تُذاع في شهر رمضان، بل هي حقيقة قائمة في مجتمعنا، لا يراها سوى المتأمّل بعينٍ فاحصة لأحوال المواطنين!.
إنهم أبناء الأُسَر ذات الدخل المحدود، ممّن أنهوا دراستهم لكنّهم أصبحوا عاطلين بنمرة واستمارة، أو متوظّفين برواتب قليلة لا تُسمِن ولا تُغنِي من جوع، ولا تستطيع تلبية احتياجاتهم الأساسية فضلاً عن الكمالية، ولا تمنحهم الاستقلالية المالية عن أُسَرِهم، فيعيشون معها، هم مُضطرّون لذلك وأُسَرهم مُضطرّة لذلك، فمجتمعنا ليس مثل المجتمعات الغربية التي يغادر فيها الابنُ بيت والديه حال بلوغه الثامنة عشرة مُدَبِّراً حياته بنفسه دون أيّ مساعدة، وهذا هو الوصف الناعم لمعيشة هؤلاء الأبناء، بينما الوصف الفعلي هو أنّهم يعيشون عالةً على أُسَرِهِم، بكلّ ما تعنيه كلمة عالة!.
ولهذا لم تظهر آثارُ الفقر جليّةً عليهم، وأصبح فقرُهم خفياً أو مُستتراً بغشاء اجتماعي رقيق وقابل للتمزّق، وهو بالإضافة لكونه فقراً صريحاً إلّا أنه يُضيف معاناة أخرى لأُسَرِهم التي قد يُطاحُ بها بسبب صرفها الكامل عليهم من مرتبة شريحة الدخل المحدود لمرتبة شريحة الفقراء، فتزداد نسبة الفقر لدينا، ويا قلب لا تحزن!.
أنا لا أعلم إن كانت جهاتنا المعنية بمكافحة الفقر تدري بشأن هذه الشريحة من المواطنين؟ لكني أعلم أنهم يحتاجون لبرامج تُحسِّن أوضاعهم فـ (العيال كِبْرَت) مع اعتذاري لاقتباس اسم المسرحية الكوميدية المصرية القديمة، والعيال لم تكبر فقط بل كثُرت أيضاً، وتحتاج باسم المُواطَنَة للوظائف ذات الرواتب القادرة على مُناطحة الغلاء في حلبة الحياة، وكذلك للمساكن التي يتزوّجون فيها ويُنجبون الأطفال ويستقرّون، وغير ذلك من الحقوق الأساسية ومباهج الحياة!.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/06/03