شهر الربيع وافانا
السيد عبدالله فدعق
مما يحمد لعقلاء الناس الاحتفاء بمقدم شهر ربيع الأول، الذي بدأ السبت الماضي، لخصوصية مشهورة فيه، ألا وهي: مولد سيد البشر، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .. العقلاء الذين ذكرتهم سابقاً، هم قوم لا يمكن أن تمر عليهم هذه الذكرى دون أن يقفوا عند القيم الكبرى لصاحبها ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهؤلاء العقلاء أنفسهم لا يربطون الاحتفاء بالذكرى بحكم شرعي، بل يجعلون ذلك أمراً (مباحاً)، وبعضهم يراعي غيره فيقول إن الاحتفاء (بدعة)، من حيث أنه أمر لم يكن معمولاً به في العهد النبوي الزاهر، أو خلال عهد الخلافة الراشدة، والقيد الضروري هنا إن أردنا أن نكون من المعاصرين المنصفين هو أن نضيف كلمة (طيبة) أو (حسنة) أو (لا بأس بها) بعد كلمة (بدعة)، ونزيد فوق هذا بأن نقول إنها من الأمور التي قد تشتمل على محاسن متعددة، وربما قد تشتمل على جهالات متنوعة، وهي في ذلك تتساوى مع أي مناسبة يمر بها الناس، في شرق الدنيا وغربها، وشمالها وجنوبها ..
الجهالات غير القول بأن الاحتفاء بذكرى المولد الشريف أمر مقيد بشهر ربيع الأول، أو بالمكان الذي ولد فيه، مكة المكرمة، لا تستحق أن يُرد عليها، واستهلاك الجهد من أجلها، وما ذكرته سلفاً من جهالات أؤكد على أنها خطأ كبير؛ فسيد البشر ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذكراه العاطرة، وشمائله الحسنة لا يمكن أن يحدها زمان، أو يحصرها مكان، بل هي الأمان لكل من يتوقف عند كل نقطة من نقاط حروفها، وشهرنا هذا، شهر ربيع الأول، الذي يسميه بعضهم، ربيع الأنور، أو ربيع الأزهر، فرصة للحث على تجديد ذكر ذلك كله ..
مجالسنا ومنتدياتنا في شهر ربيع، الذي تم الاتفاق على أنه فرصة، فرصة لاستشعار هيبة الجلال النبوي، والاهتمام، والتوقير، والاحترام الواجب لسيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم، والتخلي عن الحساسية المفرطة حيال ما يتصل بتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم، وتقديره خشية من التشبه بالشواذ، فالقاعدة تقول «الشاذ لا حكم له».
صحيفة الرؤية الإماراتية
أضيف بتاريخ :2015/12/16