الدبلوماسية الرقمية والدبلوماسية العامة
سعود كاتب
تُعرَّف الدبلوماسية الرقمية digital diplomacy بأنها «توظيف تكنولوجيا الاتصال الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي لتحقيق أهداف السياسة الخارجية وممارسات الدبلوماسية العامة للبلد». والدبلوماسية الرقمية وفقاً لهذا التعريف لا يمكن اعتبارها مجرد أداة من الأدوات العديدة للدبلوماسية، بل هي نشاط أساسي لم يعد بالإمكان إغفاله أو اعتباره نشاطاً ثانوياً قليل الأهمية. وبهذا الصدد يقول الكاتب نيكولاس ويستكون في كتابه (الدبلوماسية الرقمية: تأثير الإنترنت على العلاقات الدولية ):
«أولئك الذين يقللون من أهمية الدبلوماسية الرقمية ويؤمنون بأنه لازال بإمكانهم أداء مهامهم الدبلوماسية بالأسلوب التقليدي وحده سوف يخسرون حتماً لصالح الذين يؤمنون بالمتغيرات الجديدة ويضعونها موضع التنفيذ دون إبطاء».
هذا الحديث عن الدبلوماسية الرقمية لا يعني بأي حال من الأحوال مجرد إطلاق مواقع إلكترونية وصفحات شبكات تواصل اجتماعي تنشر عليها الأخبار أولاً بأول، بل هو قبل كل ذلك إدراك لواقع أن الحكومات حول العالم لم تعد هي اللاعب الوحيد الذي يمارس نشاط العلاقات الدولية وبناءها، حيث إن التطورات التكنولوجية ألغت الحدود بين ما هو محلي وما هو دولي وحوَّلت العالم إلى قرية صغيرة مترابطة، مضيفةَ لاعبين جدداً لذلك النشاط عبر صحافة المواطن والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية NGOs. جميع هذه الأطراف أصبحت تتواصل بشكل متفاعل ومباشر لا يمكن إغفال أهميته وتأثيره، ومن ثم أصبح التواصل معها باحترافية عبر أدوات الدبلوماسية الرقمية ومبادرات الدبلوماسية العامة أمراً حتمياً لتقديم صورة حقيقية وإيجابية للبلد لدى جميع شعوب العالم ومساعدة الحكومات على شرح وتوضيح وتبرير قيمها الأساسية للشعوب بشكل منطقي ومفهوم يساعد على تقبّلها.
وحتى تحقق الدبلوماسية الرقمية أهدافها، يرى الكاتب ديفيد ستيفن الباحث والمستشار الإستراتيجي بجامعة نيويورك بضرورة إيلاء عناية قصوى بتوعية وتدريب الكوادر الدبلوماسية -خاصة في المستويات العليا- بالتكنولوجيا الجديدة واستخداماتها ومخاطرها، مضيفاً بأن ذلك لا يتأتى إلا بالممارسة الفعلية المكثفة وليس من خلال الفصول الدراسية، فهؤلاء الدبلوماسيون رفيعو المستوى المنتشرون حول العالم سوف يكونون هم من يدير دفة شبكات التواصل الاجتماعي بلغات وأفكار وثقافات مختلفة ومتنوعة وفقاً لرؤية وأهداف الدبلوماسية العامة للبلد.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/06/07