بيع الاحتياطي الإستراتيجي يرفع أسعار البترول 2 - 2
د. أنور أبو العلا
أسعار البترول أكثر أسعار السلع تقلباً. وأكثرها إثارة للجدل والاختلاف بين المحللين للأسواق. ويتداولها الإعلام العالمي في أخباره ليل نهار. ويتابع تقلباتها بقلق رجل الشارع الغربي عندما يقف أمام المحطة ليملأ بنفسه خزان سيارته بالبنزين كل صباح.
أهمية أسعار البترول مشتقة من أهمية البترول فالعلاقة بين النمو الإقتصادي ومعدل استخدام الطاقة (أهمها البترول حيث يشكل 35 % من إجمالي استهلاك الطاقة) كعلاقة الروح بالجسد. كذلك البترول هو أكبر وأهم سلعة -بلا استثناء- يتم تداولها في التجارة الدولية.
البترول مورد ناضب فالذي نستهلكه اليوم هو السهل. منخفض تكاليف الاستخراج. لكن لن يلبث طويلاً حتى ترتفع تكاليف استخراج المتبقي منه فوق القدرة على دفع ثمن استخراج الكمية الكافية لإشباع حاجة الإنسان للطاقة. لذا نجد الإنسان يبذل جهوده لإيجاد البدائل كي تستمر الحضارة على وجه الأرض.
اكتشافات البترول المتوالية في منطقة الخليج خلال النصف الأول من القرن الماضي (الأعوام: 1908 - 1968) كانت كما يقول الغربيون: (game changer) قلبت الترتيب الاقتصادي للعالم رأساً على عقب فظهرت دول أصبحت محور العالم إذ لم يكن لها دور قبل اكتشاف البترول.
كذلك جعلت مسألة الأمن القومي الشغل الشاغل للدول المتقدمة التي تحتاج لاستيراد البترول فأنشأت الاحتياطي الإستراتيجي لمواجهة الطوارئ في حالة انقطاع عنها البترول.
فكرة إنشاء احتياطيات البترول الإستراتيجي هو اتفاق عالمي بين دول منظمة الدول المتقدمة (OECD) وتمثلهم وكالة الطاقة الدولية (IEA) وعددهم 35 دولة صناعية تفرض على أعضائها المشاركة بالاحتفاظ باحتياطٍ إستراتيجي يعادل 90 يوماً من ما تستورده المنظمة من البترول. وقد كانت أميركا الملجأ الذي تلجأ إليه المنظمة في توفير البترول وقت الأزمات. كما حدث في أزمتي عام 1991 حيث سحبت أميركا 17.3 مليون برميل وفي عام 2011 سحبت 30.4 مليون برميل لتلبية احتياج دول المنظمة.
الآن بعد القرار الأميركي بالتخلي عن دور البنك المركزي لإمداد دول المنظمة بالبترول سيقابله زيادة الشراء للبترول من دول ال (OECD) للتعويض عن انخفاض الاحتياطي الأميركي. وستجد الدول الأعضاء نفسها مضطرة بأن تعتمد على نفسها بزيادة حجم احتياطها فيزيد بالتالي الطلب على البترول وبالتالي سيتلاشى تأثير بيع البترول الأميركي على السعر.
كذلك المستهلكون للبترول داخل أميركا سيزيدون الطلب على المخزون التجاري بعد خفض الإستراتيجي الحكومي الذي كان عامل اطمئنان لهم لمواجهة الطوارئ.
لكن هذه ليست القصة الكاملة بل العامل الأهم أن المضاربين سينشطون في شراء البترول الآجل لتوقعهم زيادة المخاطر التي سيتعرض لها السوق لغياب صمام الأمان فترتفع الأسعار.
صحيفة الرياض
أضيف بتاريخ :2017/06/11