تنفيذ الحوكمة والمساءلة ضرورة في ٢٠٢٠ و ٢٠٣٠
حسين أبو راشد
تظل الحرب في مواجهة بعبع جرائم الفساد لا نهائية، كالحرب بين الخير والشر المستمرة من بداية الخليقة، وعليه يجب أن نحارب فيها وبكل شراسة لننتصر في سبيل أن نرقى بمجتمعاتنا.
إن من الأسلحة الفعالة جداً في الحرب ضد جرائم الفساد، في رأينا مع الآخرين، انتهاج واتباع مبادئ الحوكمة في كل مرافقنا الخاصة أوالعامة من الشركات المساهمة والشركات العائلية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وكل المرافق الحكومية والمؤسسات العامة...إلخ. ولتكون الحرب ضد جرائم الفساد عامة وشاملة وذات نتائج إيجابية فلا بد من الالتزام بتطبيق مبادئ الحوكمة في كل المرافق كبيرها وصغيرها وبشتى أشكالها، وكلما كان التطبيق عاما كانت هزيمة الفساد أسرع وأكثر كفاءة ومردوداً.
إن مبادئ الحوكمة تقوم على فلسفة أساسها تحمل المسؤولية وتطبيق مبدأ المساءلة على الجميع من قمة الهرم إلى أسفله. كل فرد في الجماعة يكون مسؤولاً وتتم مساءلته القانونية عن هذه المسؤولية وبكل شفافية وعلى مرأى ومشهد من الجميع. وهذا المنهج الشفاف يشكل أول طعنة في جسد الفساد، لأن من يقوم بتحمل تنفيذ المسؤولية يضع نصب أعينه المساءلة التي تنص عليها الحوكمة ولهذا يتجنب الفساد لأنه سيُساءل قانونياً عما قام بفعله ويتم فضحه على الملأ.
إن جميع أفعال «المسؤول» في الحكومة والشركة أو المؤسسة، وفق مبادئ الحوكمة، يجب أن تتحلى بدرجة عالية من الشفافية وبإفصاح تام ومن دون أي مواربة خاصة وأن العمل في الضوء يبعد الشبهات ويمنع التصرفات غير السليمة، وكل هذا يدرأ الفساد وجرائمه.
مبادئ الحوكمة تشترط الإفصاح التام الشفاف عن كل الأمور المتعلقة بأموال الجهة الحكومية وبأموال الشركة وكل التصرفات المالية والحسابات، وهناك ضوابط للتنفيذ وضوابط للرقابة بشقيها الداخلية والخارجية، وهناك لجان للتعيين والمكافآت ولجان للتنفيذ ولجان للتدقيق والمراجعة بغرض التوجيه الإشرافي والمراقبة اللصيقة لكافة أوجه
الصرف في كل الأموال والمشروعات، وكل التعيينات والمستحقات شاملة بذلك الجميع ابتداء بالوزير ومن هم دونه من رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي وكل الطاقم الوظيفي. ومن هذا مثلا تتم المراقبة الفعالة للعطاءات والمزايدات وترسية المشاريع وإبرام العقود، على أن تنشر المعلومات الصحيحة والبيانات الضرورية للجميع عبر كل الوسائل المتاحة وعبر مواقع الشركة أو المؤسسة، وتوظيف العاملين بكافة طبقاتهم الوظيفية، وتحديد المسؤوليات الإدارية والمالية لمجلس الإدارة ومجلس المديرين وكل المسؤولين حتى يتم التصرف وفق الصلاحيات فقط وعدم تجاوزها. وبتطبيق هذه الخطوات التصحيحية التي تنادي بها الحوكمة نمنع الفساد.وأيضاً بالحوكمة يجب التأكد من وضع الخطط والبرامج المستقبلية، في الوزارات والمصالح الأخرى والشركات العامة والخاصة والعائلية، وذلك وفق مقتضيات المصلحة العامة ومصلحة الشركة وملاكها مع تجنب كافة المخاطر وكل ما يعرض الحقوق للخسائر والضياع، مع وضع الضمانات التي تكفل الالتزام بالتنفيذ مع التدريب والتحديث والتطوير كلما طرأت الحاجة. ومثل هذه الإجراءات في مجملها تقود إلى الإدارة الرشيدة وفق المتطلبات والتسلسل المؤسسي السليم بعيداً عن المصالح الشخصية الذاتية الضيقة... وكل هذا بدوره يجفف منابع الفساد ويعمل على قفل الباب تماماً في وجه الفساد الذي يجد
الفرصة للنمو فقط عندما تطغي «الأنا» وتبتعد المؤسسية والإدارة الرشيدة الجماعية النابعة من مبادئ الحوكمة. إن التنفيذ السليم لمبادئ الحوكمة، التي أشرنا لبعضها، سيساعد من دون شك في محاصرة الفساد والمفسدين ودحرهما، وهذا هو المرجو.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/06/13