التوسع السكاني والعمراني للمدن.. إيجابي أم سلبي؟
م. فهد بن عبدالرحمن الصالح
يقترن التوسع العمراني للمدن بالزيادة السكانية واتساع الرقعة المكانية التي تشغلها المدن، ويتمثل التحدي الأكبر للمدن في قدرة القاعدة الاقتصادية والبنية الأساسية من خدمات ومرافق على تلبية الاحتياجات السكانية الناجمة عن هذا التوسع.
ويظل السؤال الأبرز: هل التوسع السكاني والعمراني للمدن، إيجابي أم سلبي؟
وبلاشك أن هذا الموضوع يعتبر من المواضيع الشائكة والكبيرة التي لا يمكن اختزال الإجابة عليها في هذه الأسطر المحدودة فهي تحتاج إلى دراسات متعددة سكانية، وتخطيطية، واقتصادية، واجتماعية، ودراسات تفصيلية أخرى تتعلق بالجوانب السياسية والأمنية.
هناك الكثير من الباحثين والمختصين تناولوا هذا الموضوع بالبحث والدراسة، إلا أن الاختلاف حول إيجابية أو سلبية الأمر لم يتم الاتفاق عليه إذ يرى البعض أن التوسع والنمو السكاني والعمراني الكبير الذي تعيشه بعض المدن هو ميزة نسبية لها، وله العديد من الإيجابيات في حال تحول هذا النمو الكبير إلى تنمية مستدامة، كما أن النمو في عدد السكان يظل عاملاً ومقياساً له دور أساسي في تقييم الدول ومقدرتها على إدارة التنمية والتوطين دون الحاجة إلى استقدام الأيدي العاملة، وله دور كبير في استغلال الموارد الطبيعية والمكانية، وهناك دول عديدة لا زالت تسعى إلى زيادة عدد سكانها مثل السويد، وأستراليا وكندا لأن زيادة القوى البشرية في المدن مؤشر على القوة الأمنية للدول.
وفي المقابل هناك من يرى أن التوسع العمراني للمدن والزيادة المستمرة في عدد السكان بشكلٍ غير مخطط، يعتبر من أهم المشاكل الضخمة التي تعاني منها شعوب العالم، لما يترتب على ذلك من مشاكل تتعلق بالمقام الأول في التكدس العمراني والاختلال الوظيفي وهدر الموارد الطبيعية وضعف الجوانب الأمنية واختلال النسيج الاجتماعي واستهلاك البنى الأساسية للمدن.
وبوجهة نظر خاصة أجد أن إيجاد ترتيب متوازن في أحجام التجمعات العمرانية على مستوى المناطق والأقاليم أمر هام للتخفيف من الضغوط السكانية على المدن الكبرى، لتتمكن المدن من تلبية الاحتياجات الضرورية للسكان من إيجاد فرص العمل وتوفر الخدمات المختلفة بشكلٍ مستدام، لأن التوزيع غير المتوازن بين المدن يعتبر مؤشراً سلبياً على بنية الخدمات الأساسية ويضعف من قدرتها على استيعاب التوسع العمراني والزيادة السكانية.
كما أنه من الضروري أن يكون التوسع العمراني والسكاني في المدن مبني على أسس علمية مرتبطة بوضع خطة للتنمية المكانية والبشرية لمواجهة كافة المتغيرات والمستجدات ولضمان خلق بيئة متوازنة اجتماعياً واقتصادياً وبيئياً وأمنياً وثقافياً.
صحيفة الرياض
أضيف بتاريخ :2017/06/13