قراءة لأزمة الخليج
طارق عبدالله العيدان
«إن التعاون والتنسيق بين دول الخليج العربية التي تربطها عادات وتقاليد ونظم اقتصادية واجتماعية متشابهة في يومنا هذا ضرورة ملحة، حيث أصبح مبدأ التكامل الاقتصادي هو الأسلوب السائد والمفيد بين الدول التي لها ظروف متشابهة».
بهذه الكلمات رد سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه على سؤال برلماني للنائب السابق خليفة الجري في ١٨ مايو ١٩٨١عندما استفسر عن دور مجلس التعاون لدول الخليج العربية عندما كان سموه نائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للخارجية، ولخص سموه القيم والمبادئ الأساسية لهذا الكيان، الذي كان فكرة كويتية خالصة تنطلق من سياستها التي تدعو دائما إلى التجمع والتعاون بين الدول العربية عامة والدول الخليجية بشكل خاص.
إن الخلاف الذي نشهده اليوم بين بعض أعضاء مجلس التعاون – دون الخوض في تفاصيله – ليس مستغربا فهو ناتج طبيعي للاختلاف في وجهات النظر، ولم يغب هذا الأمر عن النظام الأساسي بمجلس التعاون الخليجي، إذ تنص المادة السادسة منه على تشكيل هيئة لتسوية النزاعات تتبع المجلس الأعلى وهي السلطة العليا لمجلس التعاون.
وكان لافتا التعاطي الإعلامي السلبي لبعض القنوات الإخبارية الخليجية منذ بث إعلان مقاطعة مملكتي العربية السعودية والبحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة لدولة قطر، ولم يسهم هذا الأمر في تطويق الخلاف، بل ساهم في إشعال الفتنة، رغم أننا حتى اللحظة لا نعلم الأسباب الحقيقية للخلاف.
إن هذا الخلاف دفعني إلى البحث في التفاصيل التاريخية للنظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي على المستوى البرلماني، وتبين لي أن الاتفاقية ذاتها لم تحظ بإجماع الأعضاء لمجلس الأمة عليها عندما عُرضت بجلسة ١ يوليو ١٩٨١، وتشير مضبطة الجلسة إلى أن المجلس وافق على الاتفاقية بأغلبية ٥٠ عضوا ورفض العضوين محمد أحمد الرشيد وناصر صرخوه وامتناع الأعضاء خالد جميعان سالم ومحمد المرشد وخليفة الجري. وغياب ١٠ أعضاء عن الجلسة.
ولم أجد توضيحا أفضل مما ذكره رئيس المجلس التأسيسي المرحوم عبداللطيف ثنيان الغانم لمعارضته قيام مجلس التعاون إذ قال في لقاء مع جريدة الأنباء في ٢١ أبريل ١٩٨٤: إنه لم يحبذ قيام مجلس التعاون الخليجي في بدايته وكانت تحفظاته قائمة على «اختلاف أسلوب الحكم ونظام الكويت الديموقراطي عن بقية الدول لأعضاء المجلس، وقد كنت أخشى أن يتأثر نظامنا الداخلي بالنظم الأخرى».
إلا أن الغانم استدرك بعد ذلك قائلا «أما بعد أن أثبتت الاستقلالية الداخلية لأعضاء المجلس فإن قيامه مكسب لا ينطره أحد، ونأمل أن تأخذ الدول الأخرى بتجربتنا والاستفادة منها».
في الختام: رغم أننا لم نشهد ترجمة التعاون الخليجي إلى أفعال في النواحي الاقتصادية لاسيما في ما يتعلق بالمؤسسات الحكومية المتشابهة الأغراض أو المتعلقة بوحدة النقد، وكثرة الخلافات بشأنها، فإنها نجحت في توحيد الشعوب ببعضها.
جريدة القبس الكويتية
أضيف بتاريخ :2017/06/14