ما العلاقة بين الجرائم الجنائية والإرهاب؟
أ. د. رشود بن محمد الخريف
أصبح الإرهاب مشكلة عالمية تؤرق جميع الدول دون استثناء، ما أضاف أعباء مالية كبيرة، وتكاليف نفسية واجتماعية مرهقة للناس، ومن المؤلم أنها ستلازم البشرية ــ على ما يبدو ــ لسنوات طويلة. ويضاف إلى ذلك أعباء مكافحة الجرائم الجنائية والخسائر البشرية والمالية الناتجة منها، مثل جرائم السرقات والسلب والنهب والجرائم الأخلاقية والمالية. وعلى الرغم من أن الإرهاب والسلب والنهب كلها تعد جرائم يعاقب عليها القانون، فإن دوافعها تختلف عن الأخرى. فالإرهاب يدفعه ــ في الغالب ــ الفكر المنحرف الذي يستند على الفهم الخاطئ للدين، والذي ربما يحفزه ظلم الشعوب، وغياب العدالة، وسلب الحقوق المشروعة، أما الجرائم الجنائية فدوافعها ضعف الوازع الديني، والانحراف الأخلاقي، والحرمان المادي. ومن الملاحظ ازدياد جرائم السطو المسلح "الجريء" على سيارات نقل الأموال أو "الصرافات الآلية" في وضح النهار وفي أماكن عامة ومزدحمة بالمارة، ولا يتورع مرتكبو هذه الجرائم عن قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق! وهذه الجرائم غريبة في مجتمعنا المسلم وتستحق إعادة النظر في مدى فاعلية مكافحة الجريمة والبرامج المطبقة. لا شك أن هناك بعض فئات الشباب تعاني البطالة والحرمان المادي، نتيجة رفض مؤسسات القطاع استيعابهم، على الرغم من وجود فرص كثيرة في القطاع الخاص، سواء في أعمال الاستقبال في الفنادق أو أعمال البيع، إضافة إلى الأعمال الأخرى التي يشغلها عمالة قدموا من مختلف أرجاء العالم. إن ما نشاهد من سطو مسلح بين وقت وآخر يعد مؤشرا خطيرا لا ينبغي أن يمر مرور الكرام، بل يستحق الدراسة الجادة لفهم الدوافع وخصائص الجناة، ومن ثم إيجاد الحلول الناجعة قبل أن يستفحل الأمر وتصعب معالجته في مستقبل الأيام، خاصة أن هذا العنف يمكن أن يزعزع أمن الأسر والنساء من خلال السلب والاختطاف. فهناك كثير من الجامعيين الذي حصلوا على شهادتهم من داخل المملكة وخارجها ويعانون البطالة ليس لشهور فقط، بل لسنوات! وهذا يدل على أن هناك "إخفاقا ما" يحول دون التوظيف الفاعل وتمكين الشباب من المشاركة في قوة العمل. ونظرا لأن الأغلبية من المتعطلين عن العمل هم من الجامعيين، فإن الكلمة السحرية المفقودة هي "التدريب" عموما، و"التدريب على رأس العمل" خصوصا الذي يهيئ الشباب لأداء الأعمال المختلفة في متطلباتها ومهامها. ومما يزيد الطين بلة أن صندوق الموارد البشرية لم يؤد دوره المأمول من جهة، وأن مؤسسات التدريب الخاصة تلهث وراء الكسب المالي من جهة أخرى! وتزداد خطورة الوضع أن البطالة والفراغ من الأمور التي تجعل بعض الشباب لقمة سائغة للاستغلال وتلويث الفكر ومن ثم التحريض على كره المجتمع وتنمية الرغبة في الانتقام، وربما السفر لمناطق النزاع في الشام والعراق. لذلك فإن الحد من البطالة المقنعة ومنع التوظيف الوهمي ينبغي أن يكون من خلال برامج مدروسة تشتمل على التدريب المهني وغرس أخلاقيات العمل وتحسين بيئة العمل وتوفير مزايا مغرية، مع ضرورة الاعتراف بأن المرأة نصف المجتمع، وأن توظيفها يعزز دخل الأسرة ويسهم في تخفيف معاناة جميع أفرادها "ذكورا وإناثا". لذلك فإن مكافحة الإرهاب ينبغي ألا تكون في معزل عن جهود الحد من الجرائم الجنائية مثل جرائم الأموال والجرائم الأخلاقية وجرائم العبادات. وينبغي أن تحظى بطالة الشباب من النوعين "الذكور والإناث" بأولوية كبيرة، تتجاوز التصريحات، بحيث توفر للشباب برامج تدريب جادة تؤدي للتوظيف وكذلك ورش عمل فاعلة لمساعدة الشباب على بدء مشاريعهم الصغيرة، فالحقيقة المرة أن ما نسمع عن مساعدة الشباب وأصحاب المشاريع الصغيرة لا يتجاوز التصريحات الإعلامية.
صحيفة الاقتصادية
أضيف بتاريخ :2017/06/18