عبدالله المزهر

حين يشتكي الناس من أمر ما مرارا وتكرارا، ثم لا أحد يهتم فإن ثمة شيئا لا يعمل بالشكل الصحيح. وحين يشكل هذا الأمر الذي يشتكي منه الناس خطرا على حياتهم وتستمر اللا مبالاة فإن ثمة شيئا فاسدا يعوق حركة الأشياء بطريقة صحيحة. وحين يؤدي هذا الأمر الذي يشتكي منه الناس إلى حوادث ووفيات وكسر قلوب فإن الأمر لم يعد مجرد فساد أو خلل. الأمر ببساطة جريمة قتل متعمدة مكتملة الأركان.

أعلم أن كثيرا من الحوادث تقع، وأن الحوادث المرورية هي أشهر وأكبر قاتل في السعودية، لكن الحادث الذي وقع في محافظة بالقرن قبل يومين كان مستفزا جدا، لأنه وقع بسبب إهمال غبي وواضح ومكشوف، ولأن الناس تحدثوا واشتكوا وحذروا كثيرا من هذا الخطأ الواضح الذي شاهده الجميع إلا المسؤولين عن الطريق والمقاول الذي ينفذه.

ثم إني أعلم أن هذا الأمر لا يخص منطقة دون أخرى، وأن الإهمال واللا مبالاة وعدم الاكتراث بأرواح الناس أصبحت شيئا يشبه التقليد المتوارث يمارسه كل المسؤولين عن المشاريع وتنفيذها والإشراف عليها في كل مناطق المملكة دون استثناء ولا تمييز.

أمير عسير أمر بفتح تحقيق في الحادث، والحقيقة أن هذا شيء جميل ولعل فيه بعض العزاء، لكن الحقيقة أن كلمة التحقيق التي تأتي بعد مثل هذه الكوارث تشبه إلى حد بعيد عبارة «انتبه.. خلفك مطب». تأتي بعد وقوع الكارثة وفي الغالب الأعم لا تصحح الأخطاء التي أدت لوقوعها. ولدينا سجل حافل وأرشيف كبير من تحقيقات الكوارث السابقة التي لم تعاقب مذنبا ولم تحل مشكلة قائمة.

ولعلي أحلم أن تعلن نتائج التحقيق على الملأ، وأن يكون كل من تسبب في هذه الحادثة عبرة للجميع، لأننا في واقع الأمر مللنا وفاض الكيل وطفح.

وعلى أي حال..
أسأل الله أن يرحم نوال وطيف وألين ويغفر لهن ويسكنهن فسيح جناته، وأن يشفي المصابين وأن يجبر قلوب المحزونين، وأن يريح بقية الأحياء من الفاسدين والمفسدين.

صحيفة مكة