العناد السياسي!
خالد أحمد الطراح
العناد سلوك بشري يسيطر على الفرد بمختلف الأعمار، مثله مثل سلوكيات وطباع بشرية أخرى، كالبخل والكرم والطيب والحقد والتسامح والأنانية واللامبالاة، وهو سلوك غير مرتبط بجنسية أو هوية معينة أو جنس بحد ذاته، سواء ذكرا أو أنثى.
العناد OBSTINACY كلمة منشقة من اللاتينية obstinatus لتحديد وصف سلوك وطباع الأفراد، حيث إن العناد هو الوجه الآخر للمكابرة والتعنت بالرأي، مما قد يتسبب بالضرر للفرد صاحب هذه الطباع، التي قد تقوده إلى الكذب والمراوغة، وعدم الامتثال إلى الحقيقة والواقع، حتى ينتهي المطاف بالفرد المعاند بخسارة مادية أو أدبية، فهناك على سبيل المثال ضحايا لهذا السلوك على المستوى الأسري، أو المستوى التجاري، حين ينشب خلاف وتباين في الرأي بسبب العناد وعدم الاعتراف بالخطأ بين بعض الأطراف، أو حتى طرف واحد، ينتهي الأمر ربما إلى خلاف عميق يشتت الأسر بكاملها أو يهدم علاقة وشراكة تجارية ناجحة، لابد أن يكون فيها الخاسر الطرف صاحب العناد أو المكابر في رأيه. وهناك العديد من الأمثلة التي نشرتها الصحافة لأحكام قضائية للبيع بالمزاد العلني.
ينتقل هذا السلوك المشين مع الفرد أينما ذهب، ومهما تقدم فيه العمر، وهي طباع غير حميدة لها عواقب وخيمة على صاحب هذا السلوك اجتماعيا وإداريا ومهنيا.
مثال على ذلك، ما أوردته مجلة ذي اتلانتك الأميركية في أحد أعدادها عن الخلاف، الذي نشب بين البيت الأبيض والحكومة الأميركية مع ممثلي الحزب الجمهوري، حول ميزانية 14 فبراير 2016، مما أدى إلى نشوب أزمة كبرى بين زعماء من الجمهوريين ضد إدارة الرئيس الأميركي السابق أوباما، بسبب تمسك بعض الأطراف برأيها، إلى درجة «العناد» من دون الوصول إلى حل وسطي أو مرضٍ للطرفين، حتى تسير الخطط السياسية والاقتصادية من أجل المصلحة العامة.
هذا الخلاف أو العناد من البعض أدى إلى عرقلة عجلة العمل السياسي إلى درجة عدم القبول بمقترحات ذات جدوى قومية!
في مجتمع صغير كالكويت، يسيطر أحيانا على المشهد السياسي عناد في القرار الحكومي، حيث تصر الحكومة بأكملها أو البعض فيها على القرار خشية من تفسير أن التراجع يفقد هيبة القرار الحكومي، ومثل هذا التفسير يضر بالمصلحة العامة ومستقبل الدولة ككل!
خير دليل، قرارات حكومية خاطئة قانونيا ويتم إبطالها دستوريا، فيما لا زال بعضها الآخر قيد «التنقيح والتطوير»، وكأننا أمام إصدار علمي أو بحث يتم تحديثه، بينما الحقيقة أن مصدر الخطأ عناد سياسي، وربما ثقة مفرطة ببعض من حازوا ثقة الحكومة بالخطأ!
«قلق وزير المالية على الاستدامة المالية للوطن»، وهو التصريح الذي خلق ردود فعل استفزازية سلبية أثرت في فجوة القبول الشعبي لوثيقة الإصلاح، خصوصا إذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار أن لغة الاقتصاد ليست بلغة سهلة الهضم من قبل المواطن، لأنها أساسا لغة معقدة تحتاج إلى محترف في تبسيط لغة البيانات والمؤشرات إلى لغة الشارع، وهو الأمر الذي غاب عن الوثيقة منذ الإعلان عنها في مارس 2016!
لا ألوم بعض أعضاء المجلس الأعلى للتخطيط، الذين لا يرغبون في التجديد لهم، لأن العمل مع الحكومة مضن جدا، فقد ضاقوا بالعمل معها حتى على الصعيد الاستشاري!
واضح أن العناد ظاهرة ليس فيها خاسر ورابح، لكن العناد، للأسف، عنوان المرحلة!
جريدة القبس الكويتية
أضيف بتاريخ :2017/07/03