عامل البنزين و«الدرعا التي ترعى»!
محمد بن سليمان الأحيدب
عامل محطة الوقود الذي دعوته للإسلام فأشار إلى عمود بجانبه كتب عليه أرقام لسيارات هرب أصحابها دون أن يدفعوا ثمن الوقود، وقال محتجا وبلغته المكسرة (كله سعودي مسلم وشرطة ما يجي)، غردت بموقفه أمس في حسابي في (تويتر) ولاقت التغريدة تفاعلا كبيرا (غير رسمي) من الناس، لكن مساحة (تويتر) لا تكفي لشرح شكواه وما يهدف إليه في استشهاده الهام جدا في نظري.
ما يميز ذلك العامل هو أن رده العفوي البسيط نبع من معاناته الشديدة من عدة تعاملات من عدة أطراف (وليس السارق فقط) ربطها جميعا (وليس فعل السرقة فقط) ربطها بأخلاقيات تنافي الأمانة والعدل والرحمة والسماحة التي عرف بها الدين الإسلامي والتي حاولت بتعدادها عليه دعوته للإسلام، فكأنه يقول (أين كل هؤلاء من الإسلام؟!) وكان يقصد عدة أطراف جميعهم سعوديون مسلمون، يدرك جيدا أن سلوكهم فردي يسيء لالتزامهم بدينهم وليس للدين نفسه، لكنه يعجب ويستغرب عدم تحليهم بخلق الإسلام، وهذا خطير جدا إذا أصبح انطباعا خاطئا لدى عدد من العمال غير المسلمين الذين نريد أن نستغل تواجدهم بيننا لترغيبهم في الإسلام ودعوتهم إليه لا تنفيرهم منه بسلوكيات لا يدرك مرتكبها ذنوبه المركبة وهو يمارسها وما فيها من علامات النفاق وضعف الإيمان (كذب وخيانة أمانة وإخلاف وعد) ويضاف إليها قدوة غير صالحة تنفر غير المسلم من صفات المسلم وهذه الأخطر!.
ذلك العامل يشتكي ممن سرق وتسبب في تحميله مسؤولية تعويض المبلغ الذي سرقه وهو عامل فقير جاء ليكسب رزقا يطعم به طفلا وزوجة أو أما وأبا، لا أن يخسر من جيبه ليطعم سارقا ويعوض تاجرا وشركة وقود مساهمة رئيس وأعضاء مجلس إدارتها يستلمون شهريا ما يعادل ما يجمعه وينفقه هو وأبناء قريته في عام!.
ويشتكي من تاجر أو شركة لم تطبق أسلوبا يضمن استحصال المبلغ قبل التعبئة ولم توفر له حراسة ودعما يمنع هروب اللصوص قبل الدفع، ومع ذلك لا تصدقه عند تقديم غلة يوم تنقصها خمسون ريالا سرقت!، فهو يقول (شركة كلام أنت كذاب!) ولا تكلف نفسها وضع كاميرات مراقبة ثم التبليغ نيابة عنه وإثبات صدقه وتتحمل مبلغ السرقة.
وهو يشتكي أن الشرطة تريد منه الحضور إلى القسم لتسجيل بلاغ وهذا معناه أنه سيغلق المحطة وتخسر الشركة وربما تحمل هو الخسارة!.
أحبتي .. معاناة العامل الصغير الفقير لدينا كبيرة جدا تحتاج لوقفة إنسانية ووزارة العمل وجمعية حقوق الإنسان فرحون بتطبيق (عدم العمل في الشمس ) و(تاركين الدرعا ترعى).
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2015/12/20