تجليات الوقت العصيب.. جمرات ترامب بلا لهيب
الدكتور محمد بكر
خبت كل الحمية الأميركية لجهة ماكاثرته خلال الأيام الماضية من تهديدات ووعيد بتدخل عسكري في سورية، الثمن الغالي الذي هددت به المندوبة الأميركية نيلي هايلي والذي سيدفعه الأسد ، وبعيداً من استخدام السلاح الكيماوي من عدمه، بات لايساوي ” قروشاً” في حضرة ماأفرزته دمشق وحلفاؤها سواء في الميدان او لجهة الرسائل السياسية التي بعثت بها موسكو ودمشق، لجهة اختلاف ردود الأفعال عنها في حالة القصف الأميركي على الشعيرات، ربما عاد ترامب إلى وعيه عندما اعلن في مناظرة مع هيلاري كلينتون أبان الحملات الانتخابية الأميركية بأن أي مواجهة عسكرية مع الأسد هي مواجهة بالضرورة مع إيران وروسيا، فيما شابه تيلرسون سلوك سلفه كيري عندما خاطب( أي كيري) احد المعارضين السوريين ” هل تريدون ان نخوض حرباً مع روسيا كرمى لعيونكم” إذ نشرت الفورين بوليسي ماقاله تيلرسون للأمين العام للأمم المتحدة لجهة أن مصير الأسد بات بيد روسيا وأن المقصود من العمليات العسكرية ضد الجيش العربي السوري هو تحقيق أهداف تكتيكية محددة لجهة الردع عن تنفيذ هجمات كيميائية وحماية القوات المدعومة أميركياً التي تقاتل داعش في سورية وليس إضعاف الحكومة السورية ولا تعزيز موقف المعارضة في المفاوضات.
ماوصفته الفورين بوليسي بتجليات الوقت العصيب للسياسة الأميركية وأن تصريحات تيلرسون تعكس استعداد الولايات المتحدة ترك روسيا هي التي تقود الملف السوري، وترمي أي أميركا الجغرافية السورية جانباً لصالح التركيز علي هزيمة داعش، كل ذلك جاء في اعتقادنا استناداً لنقطتين رئيسيتين :
الأولي ماتم الإعلان عنه في اجتماع أستانة، لجهة إقامة مركزين لمراقبة مناطق خفض التصعيد، روسي تركي في الشمال السوري، وروسي أميركي في الجنوب، هو في العمق نتيجة تفاهمات روسية أمريكية، حسمت موضوع القلق الإسرائيلي في الجنوب، وضمانات لتحقيق ” الهدوء” في المنطقة، ومن هنا نقرأ ونفهم تصريحات ليبرمان الأكثر تطرفاً بأنهم ليسوا بوارد أي عمليات عسكرية ضد الجيش السوري في الشمال ولا حتى ضد حماس في الجنوب.
النقطة الثانية هي في انحسار وخسارة داعش المتنامية في الجغرافية السورية والعراقية، وتالياً يغدو التركيز الأميركي على أولوية هزيمة التنظيم، بمنزلة سعي واضح للشراكة مع موسكو وحلفائها في حصد معادلة المنتصرين معاً.
لم تعد المعارضة السورية فقط في أسوأ حالاتها كما أعلن مؤخراً رياض حجاب منسق الهيئة العليا للمفاوضات، بل شارفت على نعيتها، وهي التي عولت على لهيب ” جمرات” داعميها وتصريحاتهم النارية، فلا أمل من دول الخليج المنشغلين كثيراً ببعضهم هذه الأيام، ولا رجاء مع أردوغان الذي يبيع “والديه” أمام المصالح، ولا تعويل على عنتريات ترامب، التي باتت في ميزان تيلرسون “تكتيكات” لن تُسمن ولن تغني من هزيمة.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/07/06