آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الله فدعق
عن الكاتب :
فقيه ومفكر إسلامي، أخذ العلوم الإسلامية عن عدد من العلماء في المسجد الحرام وغيره، أبرزهم جده إمام الشافعية حسن فدعق

يسألونك عن الدين


عبدالله فدعق

همُّ كثير من المتدينين ينصبّ على أداء الشعائر المفروضة دينيا، ويعتقدون أنهم بذلك قد حازوا على رضا خالقهم، سبحانه وتعالى، ويتصورون أنفسهم على خير كبير من دينهم؛ ولا سيما أن مفهوم العبادة عندهم يتمثل في الشعائر المعروفة، من صلاة وصيام وزكاة وأداء للحج، ويحتجون دوما بقول الحق تعالى: «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ».

أصحاب البصيرة، يفهمون من الدين الحق، أن مفهوم العبادة يتسع ليشمل أي عمل ديني أو دنيوي، يقوم به الآدمي؛ طالما كانت نيته إرضاء خالقه، جلّ في علاه، وطالما أراد به نفع من حوله، وعدم الدخول في إيذائهم، بأي نوع من أنواع الأذى والتخريب، ولا يوجد عندهم أي شك في أن أداء العبادات أمر في غاية الأهمية لمن يؤديها، مع يقينهم أن الله سبحانه غني عنها وعمن يؤديها، ولم يفرضها عليهم إلا من أجل مصلحتهم الدنيوية والأخروية، وما عليهم إلا أن يستوعبوا أن الدين ليس هو الجانب الشعائري العبادي فحسب، وإلا عاش الفرد منهم وحيدا في هذا الكون، بلا علاقات وصِلات، وبلا مسؤوليات؛ وهذا الأمر حتما لا يستقيم مع الدين العظيم، الذي يحكي لنا مصدره التشريعي الثاني، أن امرأة تقوم الليل وتصوم النَّهار، وتفعل، وتصَّدَّق، وتؤذي جيرانها بلسانها، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، «لا خير فيها، هي من أهل النار. قالوا: وفلانة تصلي المكتوبة وتَصَّدَّق بأثوار، أي قطع من الأقط، المصنوع من اللبن الجامد، ولا تؤذي أحدا. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هي من أهل الجنة»، والحديث رواه الحاكم في المستدرك، و ابن حبان، وقبلهم الإمام أحمد في المسند.

شعائر العبادات وسائل تربوية، يصل بها الإنسان إلى غايات نبيلة، كالرحمة، التي من أجلها أرسل الله تعالى، رسوله -صلى الله عليه وسلم- إلينا، وكالعدل، الذي من أجله حذرنا ربنا، من أن تحملنا العداوة لأحد، على عدم إقامته، والآيات القرآنية الشاهدة على ذلك معلومة؛ وكلها وغيرها تؤكد أن الدين لا يصح اختزاله في جوانب دون جوانب، وهو كلٌّ لا يتجزأ، ولا يمكن فَكّه عن العقيدة، والشريعة، والأخلاق، والحضارة، كما أنه ليس مبنيا على العمامة، وعدم التمتع بالدنيا، أو طول اللحية والثوب، أو النقاب ولون العباءة، وغير ذلك، بل هو الوعي، وتحريك العقول، وبث الأمل، وحماية مصالح الناس، والمحافظة على استقرارهم، واحترام إرادتهم، وصيانة عقولهم، واستئصال الخبثاء، والضرب بيد حديدية على من يحاول، داخليا وخارجيا، العبث بأمن البلاد والعباد.

صحيفة الوطن أون لاين

أضيف بتاريخ :2017/07/09

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد