آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
محمد عبد الحكم دياب
عن الكاتب :
كاتب من مصر

ما حقيقة طلب محمد نجيب ضم مصر إلى السعودية؟!

 

محمد عبد الحكم دياب

بدأت تداعيات التنازل السهل عن جزيرتي تيران وصنافير؛ في كشف روايات تحتاج التدقيق؛ بعد أن أثارت المقالات الأخيرة عن تنازل «المشير» السيسي عن الجزيرتين اهتمام من يحملون ذكريات قد تلقي الضوء على ما يجري اليوم على الساحة العربية والإقليمية. ومنها ذكريات تضمنتها رسالة مهندس استشاري مصري مخضرم؛ لكنه يتحلى بروح وثابة في الرصد والدأب والمتابعة؛ هو المهندس كمال بيومي، ومن الممكن أن تحمل رسالته قيمة صحافية وتاريخية؛ لذا أحرص على نشرها كما هي دون تصرف إلا ما تقتضيه قواعد وظروف النشر الصحافي.

 

تقول الرسالة: «إدراكا مني لما يحدث حولنا من صراع أمريكي وروسي حول سوريا؛ مما قد يؤدي إلي إشعال حرب عالمية ثالثة، وامتد إلى العراق وليبيا واليمن، وما يصاحبه من دور للمملكة السعودية التي تتعاون بالمال والتدريب والتسليح لميليشيات إرهابية لتحقيق مخططات تنفذها إسرائيل وأمريكا، وأدى هذا الإدراك إلى الرجوع إلى ذكريات قد توضح وتجيب على ما غمض من تصرفات في مصر وخارجها، وأصبحت عسيرة على الفهم والتحليل مثل التقارب المصري السعودي، الذي تقوده مجموعة من القيادات العسكرية المصرية».

وتنص الرسالة: «في عام 1976 كنت أعمل في شركة بريطانية مهندسا استشاريا؛ حين حَصُلَت على عقد تصميم وتنفيذ مشروع مساكن الحجاج في وادي منى؛ بمكة المكرمة. وعينت مشرفا معماريا على التنفيذ، وجاء التفضيل لكوني مصريا ومسلما؛ مما يسهل تواصلي مع الجانب السعودي لغويا، ويُيَسر تحركاتي داخل منطقة مكة وباقي مناطق المملكة».

 

يواصل المهندس المخضرم: «بعد أيام قليلة من وصولي إلى الموقع، وتَسلُّمه من وزارة الإسكان السعودية، والبدء في تخطيط مواقع المشروع على الأرض؛ وصلت فجأة سيارة سوداء عصر أحد الأيام، ونزل منها الأمير متعب بن عبد العزيز؛ وزير الإسكان آنذاك، وتعارفنا بعد أن طلب حضور مهندس الشركة الذي يدير المشروع، وبعد دقائق أخذ بيدي جانبا وقال لي أنه سوف يقيم منذ ذلك اليوم في قصر الوزارة في وادي منى؛ لمتابعة تنفيذ هذا المشروع الهام للحجاج، والذي يحوز على اهتمام الملك خالد، والدفع بسرعة التنفيذ قبل موسم الحج القادم.

وأصدر تعليماته بأن أقابله يوميا الساعة 6 صباحا في قصر الوزارة في منى، ونتشاور في الأعمال التنفيذية لذلك اليوم، ثم مرة أخرى في المساء بعد انتهاء العمل بالموقع لمراجعة ما تم تنفيذه وتذليل أي عقبات تعترضه. وبين الإجتماعين علي أن أدير أعمال مكتب الشركة وموقع المشروع بمساعدة إداريي ومهندسي الشركة، وكانوا من جنسيات مختلفة؛ مصرية وسودانية وتركية وباكستانية».

 

يواصل المهندس بيومي: «كنا في إجتماعاتنا في قصر وزارة الإسكان نجلس على الأرض وحولنا عدة خطوط تليفونية وبعض مندوبي شركات المقاولات؛ يدير الأمير الجلسة ويصدر تعليماته بعد مناقشتها بإسهاب. وبعد الفراغ من ذلك ورحيل كل من كان معنا في الحجرة الواسعة كنا نتكلم في مواضيع شَتَّى؛ أذكر منها أني عرضت على الأمير وجهة نظري في إحدى المرات عن أسباب تقدم ونجاح كثير من الدول، بأن تضم إلى خبرات مواطنيها خبرات مواطنين من دول أخرى؛ تنتقي منهم ما تريد حسب مصلحتها، ولو ضمت السعودية خبرات متميزة من دول عربية وإسلامية، وهناك كثير منهم، فإن ذلك يسهم في بناء دولة قوية منفتحة على العالم؛ تستطيع أن تساهم في توحيد الأمة مرة أخرى».

 

يضيف الخبير المعماري المصري: «عند ذلك نظر إلي الأمير وقال: أنا عندي موضوع هام أريد أن أقوله لك وخاصة أنك مصري؛ بعد قيام ثورة يوليو 1952 بمدة قصيرة حضر إلى المملكة اللواء محمد نجيب، رئيس مجلس قيادة الثورة، وقابل الملك الراحل عبد العزيز آل سعود شارحا أسباب قيام الثورة ضد الملك فاروق، وأهداف تلك الثورة هي تحسين مستوى معيشة الشعب المصري، وانتهت المباحثات بعرض من اللواء نجيب بأن إتحاد السعودية ومصر تحت حكم الملك عبد العزيز سوف يعود على الشعبين بأعظم النتائج والتقدم الذي يعزز الوحدة العربية، وبعد تفكير رد الملك على نجيب؛ بأنه يتفهم أهداف هذا العرض؛ لكنه يثق في أن رجال الثورة المصرية كأهل مكة أدرى بشعابها، ويثق في قدرتهم على حل مشاكل الشعب المصري، ويمنحهم تأييده وتعاون المملكة معهم».

 

ويقول المهندس الاستشاري المصري: «من المؤكد ظهرت على ملامح وجهي انفعالات أدت بالأمير متعب بتوجيه إشارة إلى أحد حارسين كانا يقفان على جانبي باب الغرفة، وطلب منه إحضار مُصحف من الغرفة المجاورة. ولإدراكي مغزى هذا الطلب أكدت للأمير متعب أنه يكفي أنه قال لي هذا الكلام ولا داعي لتأكيده بالقَسَم على المصحف؛ لكنه أصر وأعاد تأكيد ما قاله مرة أخرى والقسم على المصحف».

 

ويربط المهندس بيومي بين حديث الأمير وما يحدث حاليا: «أكاد أربط هذا الذي حدث بين الأمير متعب وزير الإسكان السعودي وبيني بما يحدث اليوم من أخبار عن تنازل الحكومة المصرية عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية؛ دون وصول إلى إتفاق يؤمِّن ويحمي الأمن القومي لمصر والسعودية في ظل الوجود الصهيو أمريكي المتربص لكل ثغرة تتاح له للإضرار بنا».

 

وطرح في رسالته عدة أسئلة تحتاج إلى إجابات شافية ومقنعة:

 

1- هل هناك إقتناع بين أفراد أو قيادات عسكرية مصرية ترى أن الوحدة السعودية المصرية القوية تحتاج إلى تضحيات في صورة تنازلات من مصر تكون لها الأولوية في تخطيطاتهم التي تبلورت منذ عام 1952.

 

2- هل ما قام به اللواء محمد نجيب أثناء شرح أسباب وأهداف الثورة المصرية ضد الملك فاروق وعرضه مُلْك مصر على الملك عبد العزيز؛ هل قام بذلك مفوضا من مجلس قيادة الثورة، أم اجتهاد شخصي منه؟! وهل هذا من أسباب الوقيعة بين محمد نجيب ومجلس قيادة الثورة، وخاصة بينه وبين جمال عبد الناصر؟.

 

3- هل التنازل المصري الحالي عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية رغم تنامي إرتباطهما الوجداني والعاطفي والعسكري بما صاحبه من تحديات وتضحيات جسيمة ومصيرية عانت منها أجيال عديدة من الشعب المصري طوال صراع مرير خلال أربع حروب ضد الإمبريالية الغربية الصهيو أمريكية والإسرائيلية لها في رأي بعض القيادات العسكرية المصرية الحالية ما يبررها؟. ولماذا لا يُشفون غليل الشعب المصري الحائر أمام تصرفاتهم بشرح مبررات أهدافهم على الملأ بدلا من اللجوء إلى تصرفات تتنافى مع التزامات أي حكم وطني، وتحيد عما نص عليه الدستور في هذه الأحوال المصيرية؟!

 

4 – والرسالة ليست في حاجة إلى تعليق في الوقت الحاضر، فقد تفتح بابا لخفايا وأسرار أخرى، فالأمير متعب يقيم في الولايات المتحدة، وقد يكون له رأي أو إضافة على ما جاء في هذه الرسالة منسوبا إليه!.

 

جريدة القدس العربي

أضيف بتاريخ :2017/07/15

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد