كيف صار المستشار السعودي طه بن عثمان نعامة السلطان التي يخافها الجميع؟
ثروت قاسم
– كيف صار المستشار السعودي طه بن عثمان نعامة السلطان التي يخافها الجميع ؟
تقول الأسطورة أن سلطان الفاشر المستبد الدموي كان يملك نعامة يحبها ويدللها حتى صارت بدورها مستبدة تعامل الناس بقسوة ، ولا يجرؤ احد على الشكوى ضد النعامة خوفاً من بطش السلطان .
طفح استبداد النعامة ، فذهبت زمرة من الناس لتشكو النعامة للسلطان .
قال : إن شاء الله خير ، ما خطبكم ؟
قالوا : النعامة سيدى السلطان ؟
قال غاضباً ومزمجراً والشرر يتطاير من عيونه :
النعامة مااالااا ؟
قالوا بصوت خفيض : النعامة سمحة لاكين دايرة ليها ظليم سيدي السلطان !!
الظليم = ذكر النعام .
في قصتنا التي نحن بصددها يمثل النعامة : المستشار السعودي طه بن عثمان بن الحسين .
ويمثل السلطان: صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان.
صار الكل والجميع في السعودية يعمل ألف ألف حساب للمستشار طه بن عثمان، النعامة المقدسة ، لأنهم يعرفون أنه باعين الأمير ( وأصبر لحكم ربك ، فإنك بأعيننا).
صار المستشار طه بن عثمان مسؤولاً عن كل وجميع ملفات الدول الأفريقية جنوب الصحراء ، بإستثناء مصر وبقية الدول العربية الأفريقية شمال الصحراء التي تتبع لعادل الجبير ، وزير الخارجية .
2- سبب إعفاء الفريق طه عثمان ؟
في يوم الخميس 15 يونيو 2017 ، صدر قرار رئاسي بتعيين الأستاذ حاتم حسن بخيت مديراً لمكاتب الرئيس البشير ، وفهم الناس ، تلقائياً ، إعفاء الفريق طه عثمان من مناصبه ، وإن لم يصدر بيان رئاسي بالإعفاء حتى تاريخه . وبالتالي لم يصدر بيان رئاسي يشرح أسباب الإعفاء . ومن ثم تكاثرت الشائعات والإشاعات عن أسباب الإعفاء .
آخر هذه الإشاعات عن سبب إعفاء الفريق طه عثمان نقلته صحيفة ( قرار ) التركية في عددها الصادر يوم الثلاثاء 11 يوليو 2017 .
قالت : أقنعت أبوظبي ، بالتنسيق مع الرياض ، الفريق طه عثمان ، بنقل 10 ألف من الجنود السودانيين المتواجدين في إطار عاصفة الحزم في اليمن، بطائرات إماراتية إلى الجانب السعودي من الحدود القطرية – السعودية، تمهيداً لإدخال هذه القوات إلى داخل قطر، في ساعة الصفر ، ومن ثم تنحية الأمير تميم، عبر استغلال حالة الفوضى التي ستعقب ذلك.
لاحظت المخابرات القطرية نقل إعداد كبيرة من الجنود السودانيين من اليمن نحو الحدود القطرية – السعودية، مباشرة بعد إعلان الحصار على قطر في يوم الاثنين 5 يونيو 2017 .
نور أمير قطر الرئيس البشير بالمخطط .
بعد التحريات اللازمة ، أفشل الرئيس البشير المخطط ، وأعفى الفريق طه عثمان من جميع مناصبه .
بالطبع لا يمكن تصديق تقرير صحيفة ( قرار ) التركية المُختزل أعلاه ، ببساطة لان القاعدة الأمريكية في العيديد وبها 10 ألف من العناصر المدربة على حروب الجيل الرابع ، تعرف دبيب النمل في قطر، وما حواليها . وقطعاً سوف توقف تقدم الكتيبة السودانية قبل دخولها إلى قطر؟
ولكن وللأسف نظام البشير والمستشار طه لا يضعان النقط لا فوق ولا تحت الحروف ، ومن ثم هذه الإشاعات من الحقائق البديلة وما بعد الحقيقة .
لا يملك المستشار طه بن عثمان رفاهية متابعة ما تكتبه عنه الصحف والوسائط الاجتماعية من إشاعات ، رغم توكيده للعكس . فهو مشغول هذه الأيام بالتحضير للقمة السعودية – الأفريقية التي يزعم عقدها في يوم الأحد 31 ديسمبر 2017 ، لتصادف عيد ميلاد خادم الحرمين الشريفين ال 82 ، إذ رأى جلالته النور في يوم الثلاثاء 31 ديسمبر 1935 ، بعد ميلاد السيد الإمام يوم الأربعاء 25 ديسمبر 1935 ، بستة أيام قصار .
قال: إننا هاهنا قاعدون . ونحن المنصورون، بل نحن الاعلون، ونحن المسيطرون على مليارات أبونا البشير، وإن جندنا لهم الغالبون.
في يوم قال كارل ماركس:
History repeats itself, first as tragedy, second as farce .
يكرر التاريخ نفسه كمأساة ، وفي المرة التالية كمهزلة .
بهذا يسدل الستار على مأساة الفريق طه عثمان لتبدأ ملهاة أو مهزلة المستشار طه بن عثمان ؟
ولكن دعنا نبدأ الملهاة من طقطق .
3- سمو الأمير وصديقه الوفي طه ؟
تختصر الميديا الغربية اسم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بالأحرف الأولى من اسمه بلغة العجم اللاتينية ، كما يلي : Mohamed Ben Salman or MBS
في يوم الخميس 22 يونيو ، كان أول قرار أتخذه MBS بعد البيعة ، هو تعيين صديقه السعودي الجنسية السوداني الأصل الفريق طه عثمان الحسين ، مستشاراً في البلاط الملكي للشؤون الإفريقية ، ومسؤولاً مسؤولية مباشرة لدى MBS وكيتن في المرقوت الرئاسي السوداني ، وعشان تاني ؟
صدر الأمر الأميري السامي بتولية الفريق طه الملفات التالية ، كأولوية قصوى، ضمن المهام الأخرى التي يوكلها له MBS ، حسب مستجدات الظروف :
أولا : العمل على عقد قمة افريقية – سعودية في السعودية نهاية 2017 أو مطلع 2018.
ثانياً : العمل على إقناع أكبر عدد من القادة الأفارقة بمقاطعة قطر ، وقطع الصلات الدبلوماسية والتجارية معها ، أسوة بما فعلت موريتانيا وجزر القمر .
ثالثاً :العمل على إقناع أكبر عدد من القادة الأفارقة بمقاطعة إيران ، وقطع الصلات الدبلوماسية والتجارية معها ، أسوة بما فعل السودان وجزر القمر .
رابعاً :مساعدة دولة تشاد في الإبقاء على جنودها في دول غرب أفريقيا لمحاربة بوكو حرام ، وإرسال قوات إضافية من ميليشيات حميدتي لنفس الغرض ، حسب الوعد الذي قطعه الرئيس البشير لرئيس جمهورية بوركينا فاسو .
خامساً: مساعدة دولة جنوب السودان في تخطي أزمة المجاعة التي تمر بها حالياً .
سادساً: العمل على ربط شركات جنوب أفريقيا المعلوماتية بالمؤوسسات المقابلة في المملكة.
بدأ الفريق طه في ممارسة أعماله ، وهو فرح من غرف الراحة في مكتبه الفخيم، لأن الحمامات في القصر الجمهوري في الخرطوم لم يكن فيها ما يدفع إلى الراحة إطلاقاً.
صار المستشار طه لصديقه MBS العين التي يبصر بها ، والأذن التي يسمع بها، واليد التي يبطش بها. وصار الجميع يخافونه… حتى عادل الجبير وزير الخارجية الذي برمج له المستشار طه جميع لقاءاته مع القادة الأفارقة في قمة أديس ابابا التي انتهت يوم الثلاثاء 4 يوليو 2017 .
4- أمور متشابهات؟
الأمور بخواتيمها ، وليس بإستهلالاتها . وعليه نختزل في خاتمة هذه المقالة ثلاث أمور كاشفات فاضحات … في النقاط أدناه :
أولا : فشلت وساطة أمير الكويت ، كما فشلت وساطة وزير الخارجية الألماني ، ووزير الخارجية البريطاني ، ومؤخراً وساطة وزير الخارجية الأمريكي المكوكية ، الذي رجع في يوم الخميس 13 يوليو إلى واشنطون بخفي حنين .
قال تيلرسون ملخصاً ثلاث أيام من الزيارات المكوكية للكويت وجدة والدوحة إنه لا أمل في حل قريب للأزمة الخليجية ، التي سوف تستمر إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً .
يمكن تبرير هذا الجمود ، ببساطة وبالواضح الفاضح لأن ترامب يريد ذلك ، لتستمر الجوطة الخليجية ، فيستمر هو في الإبتزاز وحلب الأبقار الخليجية ، حتى تأتي جاستا على أخضرها ويابسها ، وما أدراك ما جاستا ، إنها ريح صرصر عاتية ، ما تذر من شئ أتت عليه ، إلا وجعلته كالرميم .
ترامب الذي يتبجح بإبرامه الصفقات الماليّة الناجحة ، لا يعقد صفقات ناجحة في السياسة ، بل يعمي كل ما يكحله في السياسة .
وينتظر البعض تفعيل ترامب لمتلازمة ايزنهاور 1956 ، ولكنها كقودو الذي ينتظره الجميع ولا يظهر أبداً …
والحال هكذا وهي كذلك ، لماذا يتطوع حبيبنا الرئيس البشير بإحراج نفسه بالسفر يوم الأحد 16 يوليو للكويت وأبوظبي ، للوساطة … وبلده تحترق من الكوليرا ونار الدولار الذي تجاوز ال 20 ألف ، وكان قد قام بنهبه المسلح قبل 28 سنة ليمنع تدحرج الدولار من 12 إلى 20 جنيه . وكارثة الإنقاذ تختزلها المعونة الأمريكية التي تقدم وجبة الإفطار لتلاميذ ولاية البحر الأحمر وولاية الخرطوم الذين يعانون من المجاعة .
ثالثاً: في يوم الأربعاء 12 يوليو 2017 ، مرت الذكرى السابعة لصدور أمر القبض رقم 2 من محكمة الجنايات الدولية ضد الرئيس البشير في ثلاث تهم تخص مشاركته في إبادات جماعية لشعبه في دارفور .
ثانياً: المرجعية الحصرية في التعامل بين الدول هي المصالح المبنية على العقل والمنطق وليس على الوجدان والمشاعر والانفعالات . ولذلك قرار الرئيس البشير بتجميد المفاوضات مع إدارة ترامب لم يكن موفقاً ، وسوف يوجه الرياح لإشرعة سفن لوبيات واشنطون ، وربما عادت العقوبات في 12 اكتوبر 2017 ، وهو الأمر الذي يرفضه السيد الإمام ، لأن المتضرر هو الشعب وليس حيتان الإنقاذ الذين آلت إليهم حقوق الناس لكي يديرونها ويصونونها فما رعوها حق رعايتها ، مما ينأى بهم عن الذين جاء عنهم في التنزيل في 8 المؤمنون :
والذين هم لإماناتهم وعهدهم راعون .
بأمر القبض الذي يتدلى من عنقه ، احتجز الرئيس البشير بلاد السودان ، وأهل بلاد السودان رهائن معه ، وجلب العار والخزي لشعبه كونه أول رئيس في التاريخ الإنساني يصدر ضده أمر قبض دولي . بسبب أمر القبض ، رفض المجتمع الدولي شطب ديون السودان التي تجاوزت حاجز الخمسين مليار دولار ، ويفقد السودان سنويا 750 مليون دولار بسبب العقوبات ، وسنويا 350 مليون دولار من الهبات الفرنسية في إطار اتفاقية كوتونو .
قلتم آنى هذا ؟
قل هو من عند الرئيس البشير .
نواصل …
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/07/17