إلى أين تتجه الأزمة الخليجية؟ إلى أين يمضي هؤلاء بالخليج؟
نبيل نايلي
“إنّ الأزمة الخليجية عميقة بامتياز، وهي لن تحلّ إلاّ بالحوار، إنّ الخيار العسكري مستبعد. إن المقاطعة التي تعرضت لها قطر أعطتها الثقة بالنفس والقدرة على التحرّك والانفتاح على مصادر متعددة وإن سكان قطر بالكاد شعروا بأن هناك حصاراً”. مقتطف من مداخلة لوزير الدولة لشؤون الدفاع في قطر، خالد بن محمد العطية.
وجهت قطر بشكل رسمي شكوى إلى الأمم المتحدة، تتهم فيها المملكة العربية السعودية بـ”تسييس″ الحج و”وضع العراقيل أمام المواطنين القطريين والمقيمين الراغبين في أداء مناسك الحج والعمرة” في خطوة هي الأولى من نوعها على هذا الصعيد.
“لم تتقدم أي دولة بشكوى للأمم المتحدة من قبل بخصوص ملف الحج وفعلتها قطر”، هذا كان رد الفعل الأول لأصوات سعودية شبه رسمية تفاجأت بخطوة اللجنة القطرية الوطنية لحقوق الإنسان.
وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، اعتبر، من جانبه، في حديث مع قناتي “العربية” و”الحدث”، أن “طلب قطر تدويل المشاعر المقدسة عدواني وإعلان حرب ضد المملكة”، متوعّدا “نحتفظ بحق الرد على أي طرف يعمل في مجال تدويل المشاعر المقدسة”.
وكانت السعودية قد رفضت، ما سمّته “محاولة قطر تسييس وصول الحجاج القطريين إلى المملكة”. وقال الجبير، إن “تاريخ المملكة واضح في تسهيل وصول الحجاج”. واعتبر قرار الدوحة بمنع مواطنيها من الحج يعكس عدم احترامها للحجّاج القطريين، مبدياً ترحاب المملكة بهم. كما ذكّر وزير الخارجية السعودي بأن “المملكة تبذل جهودا كبيرا في تسهيل وصول الحجاج والمعتمرين”، مؤكدا أن “السعودية ترحّب بأداء القطريين للحج مثلهم مثل بقية الحجاج”.
إلاّ أنّ وزارة الأوقاف القطريّة فقد أكدت أنّ “وزارة الحج والعمرة في المملكة العربية السعودية “امتنعت عن التواصل معها لتأمين سلامة الحجاج وتسهيل قيامهم بأداء الفريضة، متعللة بأن هذا الأمر في يد السلطات العليا في المملكة، وتنصلت من تقديم أي ضمانات لسلامة الحجاج القطريين”.
وزارة الأوقاف القطريّة أضافت أنها “تنتظر معرفة الجهات العليا المخوّلة بتقديم هذه الضمانات في المملكة العربية السعودية، وأعربت عن أسفها لإقحام أمور السياسة في إجراءات أداء هذا الركن من أركان الإسلام، الأمر الذي قد يؤدي إلى حرمان الكثير من المسلمين من أداء هذه الفريضة”.
كما نفت الوزارة القطرية أن تكون “أغلقت باب التسجيل للحجّ أمام الحجاج القطريين، معتبرةً أن “هذه الأخبار الكاذبة” هي “تشويه للحقائق” من أجل وضع “العراقيل أمام الحجاج من دولة قطر إثر الأزمة التي اختلقتها دول الحصار”!
أما الدول العربية الأربع المقاطعة لقطر فقد أعلنت في اختتام اجتماع وزاري في العاصمة البحرينية “استعداها للحوار شرط تخلي الدوحة عن “دعمها الإرهاب”
وأكدت “استعدادها للحوار مع قطر شرط أن تعلن عن رغبتها الصادقة والعملية في وقف دعمها وتمويلها للإرهاب والتطرف ونشر خطاب الكراهية والتحريض والالتزام في عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى”.
كما أشارت السعودية ومصر والإمارات والبحرين إلى “أهمية استجابة قطر للمطالب الـ13 التي تقدمت بها” معتبرة أن “من شأنها تعزيز مواجهة الإرهاب والتطرّف في ما يحقّق أمن المنطقة والعالم”.
إن التوجه إلى الأمم المتحدة ومحاولة الزجّ بمؤسساتها في هذه القضية يعكس عمق الأزمة ومأساة قلة الحيلة بعد “وساطات” كل من هب ودب، الأشبه بالضحك على الذقون! والفرصة الفريدة لتعزيز النفوذ.
أليست ذات المنظمة التي ظلّت خرساء عديمة الجدوى والأعجز ما تكون إزاء ملف الصراع العربي الصهيوني والاحتلال الغاصب وموضوع المسجد الأقصى وووو؟! حتى لا نذكر غيرهم!
ما مدى صدقية الرواية الإسرائيلية –التي فندتها المملكة-والتي نقلتها صحيفة “مكور ريشون”، عن مصادر سياسيّة قولها السعودية “كانت أكثر الدول العربية التي أبدت تفهمًا لقيام إسرائيل بنصب البوابات الإلكترونية على مداخل المسجد الأقصى”، على اعتبار أنّ “ذلك تفرضه الإجراءات الأمنية في المكان”، على حدّ تعبير المصادر؟!
أزمة الخليج تفتح تدريجيا نحو مجهول التدويل وتتجه كسابقاتها من ملفات العرب التي غادرتهم لتصبح ورقة ضغط وابتزاز و”وساطات” الخصم والحكم! التي تتحول إلى إملاءات يوم يراد لها أن تكون! انتقلت من أروقة وكالات الاستشارات القانونية الكبرى والتي تؤجج المعركة إلى شركات العلاقات العامة التي نهبت وتنهب الطرفين دون أن يرف لها جفن! ثم إلى محفل الأمم كل وأجندته وحساباته الخاصة.
إن فشل “الوساطات” جميعها لإيجاد حل للأزمة الخليجيّة، وتمسّك طرفيها بمواقفهما المُتشدّدة، ورَفض تقديم أي تنازلات أو تراجعات، لا يعيدها إلى المُربّع الأول، أو نقطة الصّفر، والتلويح بالعمل العسكري، واللّهجة التهديديّة كل ذلك لا يبعث فقط على القلق والخوف من مصير مجهول بل يعصف بمنطقة تقف أكثر من أي وقت مضى على كف عفريت!
أين يمضي هؤلاء بمنطقة تنزف أصلا ويتحلل نظامها القديم وتعيد الاستعمار بأشكال عدة، حتى بات التطبيع خيارا وحتمية وجود لا غنى عنها يصبح فيها الحديث عن القدس وفلسطين التاريخية ترفا فكريا!
إن وصم قطر لوحدها ب”دعم الإرهاب” والإصرار على ذلك مزحة سمجة، فكلهم والغ في الدم العربي بمقدار. من ليبيا إلى اليمن إلى سوريا مرورا بالعراق، “كلهم في دعم الإرهاب شرق”!!!
أخيرا، أين مثقفو وحكماء ودعاة الذين خرسوا حدّ الصمم تجاه قضايا عربية غير خليجية بحتة أم أنهم سيواصلون نفس المعزوفة الموالية والمزكّية للحاكم والمسؤولين عديمي الرؤية الثاقبة والسياسة الحكيمة التي حولت هذه الأمة إلى أضحوكة بين الأمم وسفهت للمرة المليون جحافل هؤلاء “المثقفين” والـ”خبراء” والـ”محللين” و”الدعاة” و”رجال الدين” ووو!
أما آن الأوان بعد لوضع حدّ إلى المهزلة التي طالت العير والغنم ثم الحجيج قبل أن يعمّ طوفانها–لا قدر الله- أبناء الخليج جميعهم. ولن ينفع بعدها البكاء على أطلال الوساطات!
هل يستوعبون؟
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/08/03