الغرب والإرهاب
سامي سعيد حبيب
يربط كثير من الناس المغرر بهم ، في عصر الدجل هذا ، بين الإرهاب وبين الإسلام والمسلمين والمفاهيم والرموز الإسلامية كالنبي صلى الله عليه وسلم وكمثل القرآن العظيم ، والأدهى من ذلك وأمر أن بعض من يرمي الإسلام و المسلمين بهذا الوباء المهلك للأمم والشعوب هم من أبناء جلدتنا نشأوا وترعرعوا في مجتمعاتنا العربية الإسلامية و نهلوا من نفس المعين القرآن الكريم والسنة المطهرة و المناهج التعليمية التي بنيت عليها.
الغرب وعلى عكس ما يشاع من مزاعم العلمية المتجردة لا يتعامل دائما مع دراسات الإرهاب بمصداقية علمية تليق بمذهبه العلمي في الدراسات الإنسانية أو العلمي التجريبي لدراسات الطبيعة،فدراسات الإرهاب التي تجريها مراكز الأبحاث الإستراتيجية المتخصصة المنتشرة في العالم الغربي لا تمثل الحقيقة عندما يتعلق الأمر بالعالم الإسلامي ،وأحد الأمثلة على ذلك مؤسسة ( راند) التي تعرف نفسها أنها : «مؤسسة غير ربحية تساعد على تحسين السياسات وعملية اتخاذ القرار من خلال البحث والتحليل ، وراند كمنظمة غير ربحية تحظى باحترام واسع -كما تصف ذاتها -كونها حيادية تعمل بشكل مستقل بعيداً عن الضغوط السياسية والتجارية،» فالجودة والموضوعية يمثلان قيمنا الأساسية « على حد وصفها ... ، أو كما يحدث في أقسام الجامعات المتخصصة بتلك الدراسات وهي في غالبيتها وريثة المنهج الاستشراقي العنصري المتعصب أو امتداد له ونتائجها غالباً ما تكون متحيزة ومستعلية ومحرضة تعاني من متلازمة الخوف المرضي من الإسلام أي الإسلاموفوبيا في كل صغيرة أو كبيرة.
إسرائيل والغرب هما من جلبا الإرهاب الحقيقي للمنطقة العربية الإسلامية ، فتاريخياً كانت هذه المنطقة بعيدة كل البعد عن الأفكار الإرهابية فهي تتمتع وقتذاك بحرية و سلام وازدهار نسبي ، أما بذور الإرهاب فجاءت به الحركات الإرهابية الصهيونية اليهودية إلى فلسطين كمثل منظمة آرقون التي كانت تستهدف القوات البريطانية بالقنص وبالتفجيرات وسواها من أعمال الإرهاب التي كان من أشهرها قيام عصابات الآرقون بتفجير فندق الملك داوود بالقدس في 22 يوليو 1946 م وقتل في ذلك العمل الإرهابي 40 عربياً و 30 بريطانياً معظمهم من كبار الضباط و 15 يهودياً و 5 نزلاء. وكان الهدف الرئيسي من ذلك العمل الإرهابي الصهيوني هو إجلاء القوات البريطانية من فلسطين لصالح اليهود ومن ثمّ إعلان إنشاء الدولة الصهيونية إسرائيل.
بعض الدول الغربية هي من زرعت بذور الإرهاب لتستفيد منه بعدد من الطرق منها التسلط على الدول المسلمة لممارسة الضغوط الثقيلة عليها لإبقائها في تبعية دائمة لها، وللحيلولة دون التقدم العلمي والتقني، ولتبرير الاقتتال البيني لأهل السنة والجماعة في قلب العالم الإسلامي و التمكين للأقليات من حكم الأكثرية. إذا كان العالم كل العالم يريد أن يعيش في رفاهية واستقرار سياسي فلا بد من تبني الصدق وطرح المراوغة . بقي أن يقال إن من أسباب انتشار الإرهاب في العالم هو الكيل بمكاييل عدة مختلفة ، فالعنف وقتل المدنيين الأبرياء والصمت على المجازر و تدمير البنى التحتية أضرار جانبية للحرب حتى لو كان ذلك بالقذف بالقنابل النووية كما جرى لهيروشيما ونجازاكي بينما تعتبر أعمالاً إرهابية ( وهي كذلك ) عندما يقوم بها الآخرون.
الأمن والأمان منوطة بالصدق والعدل ، فمبدأ الصدق في التعاملات الدولية بين الأمم يجب أن يكون واضحاً والله تعالى يعلمنا نحن المسلمين وكل البشرية بالتبعية بالصدق ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ). وكل ما عداه لن يزيد البشرية إلا خبالاً.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/08/05