الإنتاجية جزء أصيل من كمال الإنسانية
سالم بن أحمد سحاب
لعّل من أكبر التحديات التي تواجهها المجتمعات الحديثة قضية العناية بالإنسان. والمقصود هنا ليس مجرد توفير مزيد من الخدمات مثل الطرقات والمدارس والمستشفيات ووسائل النقل العام وغيرها، وإنما تمتد لتوفير حياة كريمة لهذا الإنسان عبر عمل منتج يستحق من أجله مقابلاً يشعره بإنسانيته وكرامته واستغنائه عن الآخرين مؤسسات وأفراداً.
والعمل المنتج في أيامنا هذه هو أحد أكبر التحديات التي تواجهها البشرية، إذ تجاوز مفهوم الإنتاجية تلك الحالة التقليدية التي يمارسها الإنسان تكراراً ومراراً بالوتيرة نفسها أو طبقاً للإجراءات نفسها. ولذا فقد حلّت الآلة وتطبيقات الكمبيوتر مكانها، وهي التي تعمل بلا كلل ولا ملل، ولا إهدار للوقت ولا خطل. الإنتاجية أن تقدم شيئاً خارج نطاق التكرار الممل، وبما يحقق عائداً مناسباً للجهة الموظفة حتى لو كانت مؤسسة حكومية عامة. وليس شرطاً أن يُترجم العائد إلى «دراهم» فوراً، لكنه في المنظور البعيد يحقق «دراهم» بل ودنانير. خذوا مثلا الخدمة الطبية الجيدة تُترجم إلى إنسان منتج صحيح الجسم، بمقدوره رعاية أسرة يوفر لها حياة كريمة مقبولة. ولو في المقابل لم تُقدم له الخدمة الجيدة لاستمر مريضاً غير منتج، ولتكالبت على أسرته عوامل الفقر والوهن والحاجة، ولبات عبئاً على المجتمع معنوياً ومادياً وإنسانياً.
ومن المشكلات المزمنة في ميدان العمل المنتج، اضطرار العامل إلى تغيير مهنته أو مجال عمله لأن الآلة أو تطبيق الكمبيوتر حلّ مكانه، فتم الاستغناء عن خدماته. ولذلك تظل برامج إعادة تأهيل الموظفين البالغين محل اهتمام كبير في معظم المجتمعات المتقدمة كي يعود الفرد منتجاً، ولا يغدو عبئاً، فالفرد العاطل يظل بؤرة تكلفة واستنزاف.
وسأضرب بمثلٍ واحد من كم زاخر من الاجتهادات الحديثة لبرامج إعادة تأهيل البالغين، أي من تجاوزوا غالباً منتصف الثلاثينات، وأجبروا على ترك أعمالهم لانعدام الحاجة إليهم.
هذه الجامعة الوطنية National University في ولاية كاليفورنيا الأمريكية (خاصة غير ربحية) تعتمد مشروع دراسة بتكلفة 20 مليون دولار على مدى 4 سنوات لخدمة هذا القطاع الواسع من الفئات التي فقدت وظائفها، والتي تتزايد باستمرار وتتغير باستمرار.
غداً أتناول بعض التفاصيل.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/08/05