آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
كمال خلف
عن الكاتب :
إعلامي وكاتب فلسطيني

الصراع الخليجي في قلب المعارضة السورية


كمال خلف

هل توفر القرار الدولي لوضع حد للحرب المسعورة في سوريا ، وهل فعلا بدأت الفرامل تعمل لوقف نزيف الدماء المستمر منذ 7 سنوات  في تلك البلاد الحبيبة على قلب كل عربي شريف . هناك مؤشرات كثيرة على أن الجواب نعم . هناك شق في هذا المناخ يتعلق بالسياسات الدولية في مرحلة تشكيل التصورات للشكل النهائي للحل وهي لم تنجز بعد رغم أن قناعات وقف الحرب نضجت لدى الأطراف الدولية وبعض الأطراف الإقليمية .  ما يحدث الآن  في أوساط المعارضة السورية يشي بأننا بدأنا ندخل مرحلة التمهيد لوقف صوت المدافع  ووقف خطاب اسقطوا النظام و أعطونا الحكم .

بنظرة عامة للمشهد السوري المعارض ستصل إلى نتيجة مفادها ، أن أصوات الاعتدال في المعارضة بدت أعلى من نظريتها المتشددة ، و أن كثير من الشخصيات بدأت تنسحب من مربع التشدد إلى مربع الاعتدال والواقعية السياسية ، وبدت تلحظ المتغيرات الدولية والميدانية وتتعامل معها . البعض الآخر مازال حتى الآن يعيش حالة الإنكار ، إلا أن هذا سوف يتغير قريبا جدا .

هناك حدثان هامان يعتبران مؤشرين لصحة وجهة نظرنا الأنفة

 الأول كلام وزير الخارجية السعودية الذي زار الأسبوع الماضي مقر الائتلاف السوري المعارض في الرياض ، وأبلغهم أن عليهم أن يبلوروا رؤية جديدة للحل بناءا على المعطيات الجديدة . وبغض النظر عن نفي الرياض الرسمي لحديث الجبير للهيئة عن أن الرئيس الأسد باق  وهو كلام نقله مصدر معارض وعضو في وفد المفاوضات وليس أحد آخر ، إلا أن الثابت أن الرياض تدفع  الائتلاف إلى مربع الاعتدال والواقعية ، وهي فعلا بصدد أزحة رياض حجاب،  وهو على رأس التيار الذي مازال يطالب برحيل الأسد،  “وكانت قطر من رتبت  انشقاقه ودفعت مستحقات ذلك مبلغ مازال الأرقام فيه محل جدل”  ،  ووضع من هو قادر على السير بالرؤية الجديدة وفي خلفياتها  إزاحة التأثير القطري كليا عن هذا التجمع .  مع الإمساك بمنصة القاهرة عبر الحليف المصري ، والتعاون مع منصة موسكو الراغبة بالحل السياسي . وبهذا تكون قطر خارج حلبة الحل السياسي .

ماقاله رئيس الائتلاف السوري الأسبق ورئيس تيار الغد” أحمد الجربا ” من القاهرة عن أن أقصر الطرق للحل في سوريا هو التحدث إلى موسكو ، يعكس أولا،  تقاربا بين منصتي القاهرة وموسكو  ، وثانيا أن قطار الحل المبني على الواقعية لا الرؤوس الحامية انطلق بقوة ليتصدر المشهد .

الحدث الثاني هو مرتبط بالأول يتعلق بما نقلته مواقع تابعة للمعارضة أن تركيا أوقفت تمويل الائتلاف بمبلغ قدرته المصادر المعارضة بحوالي  320 ألف دولار  هذا الشهر ، وهو ما دفع الأمين العام للائتلاف “نذير الحكيم ” إلى تخفيض رواتب أعضاء في الائتلاف.  وهذا أيضا قد يندرج في إطار الخلاف السعودي مع قطر ، وهو الخلاف الذي ألقى بظلال ثقيلة على واقع المعارضة السورية ، وكان محركا لتحولات هامة في توجهات المعارضة وخطابها . الثابت أن كلا الطرفين الخليجيين  يتوجهان للتبرؤ من مرحلة القتال ، وغسل اليدين من تهمة دعم الإرهاب في سوريا عبر سنوات الحرب .هذا يبدو ميسرا للسعودية اكتر منه للدوحة .

بالنسبة للسعودية فهي تتعامل مع الواقع السوري الميداني المستجد  عبر القناة المصرية وهذا لم يبدأ من الوساطة المصرية في اتفاق خفض التصعيد في شمال حمص  ، إنما بدأ منذ بدء المشاورات لإقامة منطقة خفض تصعيد في الجنوب السوري ، إذ كانت مصر حاضرة في هذه التفاهمات  قبل أن ينضج الاتفاق الأمريكي الروسي هناك . وهذا نشرناه بالتفاصيل حينها في “رأي اليوم ” . وهناك دور مصري نشط في إبرام اتفاق نهائي في الغوطة الشرقية . ودور ينشط لم يثمر بعد ومازال  في حدود  نقل رسائل بين الرياض ودمشق .

 الإمارات أكثر صمتا في هذا المسار إلا أنها أقوى اندفاعة نحو إقامة اتصالات مع دمشق ، وهذا يجري فعلا بعيدا عن الضوء ، وهدفه عزل تيار الإخوان المسلمين عن الحل السياسي والشخصيات المرتبطة بالدوحة.

بالنسبة للدوحة، فهي مازلت  تملك نفوذا في إدلب لدى جبهة النصرة التي استقبلت صحفيي قناتها التلفزيونية أكثر من مرة محاولين تجميل صورة الجولاني ،وكان لها الفضل في  إقناعه  بفك بيعته للظواهري، وإظهار وجهه للعلن ،  وقدمت النصرة لهم  طيارا سوريا أسيرا لاستجوابه أمام الكاميرات في مشهد محزن للصحافة النظيفة .  كل هذا كان   لتمكين الجولاني  من البقاء في مأمن من الاستهداف الدولي . لكن يبدو أن هذا لم ينفع  مع إصرار الولايات المتحدة على اعتباره جزءا من القاعدة والإرهاب ، ومع التصورات محل النقاش الآن عن مصير إدلب بعد الرقة.

 تملك الدوحة كذلك  تحالفا مع تركيا صاحبة التأثير الكبير في الشمال السوري عبر” درع الفرات” وهي لن تقبل إلا أن تكون حاضرة في مستقبل الحل السياسي في سوريا  خاصة ما يتعلق بمصير إدلب ،  إلا أن هناك مسارا أكثر سرية فتحته الدوحة عبر طهران لا نستطيع تحديد حجم ما يمكن أن تعرضه الدوحة على الحلفاء الجدد القدامى .

النتيجة أن المعارضة السورية وخاصة تلك” الرديكالية ” إذا جاز التعبير تعيش حالة من المخاض تتطلب منها أن تستوعب أنها باتت في مرحلة جديدة و أن صفحة الحسابات البنكية المفتوحة  والدعم الامحدود انقضت ، وزمن المراهنة على قوى عسكرية متطرفة ولى ، عليها أولا إنتاج خطاب مستقل يضع مصلحة البلاد فوق أي اعتبارات خارجية أو أحقاد شخصية . وإن تنبذ المراهنة على تدخل دولي عسكري  يضعها بالسلطة ، وأن تركز على مبدأ المشاركة عبر التفاوض من دون شروط . وإلا فإنها مقبلة على مزيد من الخلافات والانقسامات وتجاهل العالم لها وتركها لأحلامها  .

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/08/09

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد